للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"وحين توجد في القلب هذه الحساسية المرهفة تجاه الله، تستقيم النفس ويستقيم المجتمع، وتستقيم جميع الأمور، ويعيش المجتمع نظيفاً من الجريمة نظيفاً من الدنس، نظيفاً من الأحقاد؛ لأنه لا يتعامل في الحقيقة بعضه مع بعض، وإنما يتعامل أولاً مع الله" (١).

إن الإيمان بالآخرة، له أثره الفعال في إقامة مجتمع راقي المشاعر، راقي التفكير، طاهر في العمل والتعامل.

إن الإيمان بالآخرة، جدير بتحقيق الأخلاق الفاضلة المطلقة، في السلوك والحياة، تحقيقاً فعليا مستمراً ثابتا غير متقلب، بلا نفاق، ولا رياء، وهذا لا يكون إلا نتيجة حتمية للإيمان باليوم الآخر (٢).

ففرق بين المجتمعات التي قامت على أسس الأخلاق، فعاشت عيشة هنية رضية حميدة، وماتت ميتة شامخة سعيدة، وبين المجتمعات التي قامت على أنقاض الأخلاق الحميدة، وتنكرت لكل الآداب الكريمة، والعادات السليمة المستقيمة.

فعاشت في ظلها، عيشة نكدة خالية عن كل معاني الإنسانية، وماتت ميتة سيئة، لم تخلف إلا الدمار الأخلاقي، والضياع الأسري، والتفكك الاجتماعي؛ لأنها لم تحفظها بسياج يحميها من الانهيار ,كما حُفظت في المجتمعات المسلمة، الموقنة المصدقة بما عند الله جل وعلا من الخير والفضل

الإيمان باليوم الآخر، له آثار إيجابية على المجتمعات , تنعكس على أفراده فيعيش كل فرد من أفراده , مطمئناً على نفسه، وعرضه، وماله في ظل الإسلام، في حين ترى أن المجتمعات التي خلت قواميسها عن الإيمان بالآخرة، مجتمعات سلبية، تكثر فيها العداوة والبغضاء والحسد، وتنتشر فيها الأخلاقيات السيئة، التي تهدد بخطر اجتماعي جسيم، فلا ينعمون بأمن، ولا يحظون برغد العيش، وإن شعروا به لحظة فقدوه لحظات، ولذا حياتهم مليئة بالخوف، الذي يهدد كيانهم النفسي، والأخلاقي، والاجتماعي.

وللإيمان باليوم الآخر آثار حميدة على المجتمعات وتنتظم هذه الآثار في مسألتين:


(١) محمد قطب: منهج التربية الإسلامية، دار الشروق، ط ١٦، (١/ ٥٩).
(٢) النحلاوي: أصول التربية الإسلامية، دار الفكر، ط ٢٥ ١٤٢٨ هـ، ص (٨٣ بتصرف).

<<  <   >  >>