للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دون قدره وَله تصانيف وحذق تَامّ وَنظر مليح مارأيت بِالْيمن أذكى مِنْهُ انْتهى وَالْحَاصِل أنه إمام في الْفِقْه والعربية والمنطق وَالْأُصُول وَذُو يَد طولى فِي الْأَدَب نظماً ونثراً ومتفرد بالذكاء وَقُوَّة الْفَهم وجودة الْفِكر وَله في هَذَا الشَّأْن عجائب وغرائب لَا يقدر عَلَيْهَا غَيره وَلم يبلغ رتبته فِي الذكاء واستخراج الدقائق أحد من أَبنَاء عصره بل وَلَا من غَيرهم سمع بعض النَّاس يذكر بيتى الحريري في المقامات اللَّذين قَالَ أنه قد أَمن أَن يعززا بثالث وهما

(سم سمة تحمد آثارها ... فاشكر لمن أعْطى وَلَو سمسمه)

(وَالْمَكْر مهما اسطعت لاتأته ... لتقتفي السؤدد والمكرمة

فَقَالَ إن تعزيزهما بثالث غير مُمْتَنع فَجحد ذَلِك الْبَعْض وَطَالَ بَينهمَا النزاع فَرجع إِلَى بَيته وَعمل على هَذَا النمط توفية خمسين بَيْتا وَأرْسل بهَا إلى من جادله وَقَالَ قد صَارا خمسين وَأول أبياته

(من كلّ مهدي ودعا أحمدا ... أُجِيب مَا أسعد من كَلمه)

وَقد كَانَ بعض الْمُتَأَخِّرين مِمَّن عاصره قبل عصر صَاحب التَّرْجَمَة

قد عزز بَيْتِي الحريري بثالث وَهُوَ

(والمس لمهوى الضَّيْف خير الْقرى ... وَسلم الْمُسلم والمسلّمه)

وَمَعَ كَونه بِهَذِهِ الْمنزلَة من الذكاء كَانَ غَايَة في النسْيَان حَتَّى قيل أنه لَا يذكر مَا كَانَ في أول يَوْمه وَمن أعجب مَا يحْكى فِي نسيانه أَنه نسي مرة ألف دِينَار ثمَّ وَقع عَلَيْهَا بعد مُدَّة اتِّفَاقًا فَتذكر ذَلِك مَعَ عدم توسعه فى الدِّينَا بل مَعَ مزِيد حَاجته إِلَى ماهو أقل من ذَلِك وَكَانَ يُنكر نحلة ابْن عربي وَأَتْبَاعه وَبَينه وَبَين متبعيه معارك وَله في ذَلِك رسالتان وقصائد

<<  <  ج: ص:  >  >>