كَانَ في الِابْتِدَاء من ممالك الظَّاهِر برقوق ثمَّ ترقى فِي سلطنة المؤبد حَتَّى صَار أحد المقدمين ثمَّ جعله في مرض مَوته متكلماً على ابْنه المظفر احْمَد وسافر بِهِ بعد موت أبيه ثمَّ اسْتَقر أتابكا وَأخذ في تمهيد الْأَمر لنَفسِهِ إلى أَن خلع المظفر وَاسْتقر عوضه في المملكة يَوْم الْجُمُعَة تَاسِع عشر شعْبَان سنة ٧٢٤ ثمَّ برز فى سَابِع عشر رَمَضَان عائداالى الْقَاهِرَة فوصلها فِي رَابِع شَوَّال ثمَّ مرض وَلزِمَ الْفراش الى مستهل ذي الْقعدَة وانتعش قَلِيلا ثمَّ أَخذ يتزايد مَرضه إلى ثاني ذي الْحجَّة فَجمع الْقُضَاة وَالْعُلَمَاء وعهد إِلَى وَالِده مُحَمَّد ثمَّ مَاتَ في رَابِع ذي الْحجَّة من السنة الْمَذْكُورَة وَله نَحْو خمسين سنة وَدفن من يَوْمه بالقرافة فَكَانَت مدَّته نيفا وَتِسْعين يَوْمًا وَكَانَ يحب الْعلمَاء ويعظمهم مَعَ حسن الْخلق والمكارم الزَّائِدَة وَالعطَاء الواسنع وَقد كَانَ فِي آخر أَيَّام الْمُؤَيد يحْتَاج إِلَى الْقَلِيل فَلَا يجده لِكَثْرَة عطائه حَتَّى انه أَرَادَ مُكَافَأَة شخص قدم لَهُ مَأْكُولا فَلم يجد شَيْئا فَسَأَلَ خواصه هَل عِنْدهم شئ يقرضونه فَكل وَاحِد مِنْهُم يحلف أَنه لَيْسَ عِنْده شئ الا وَاحِدًا مِنْهُم فَلم يكن بَين هَذَا وَبَين استيلائه على المملكة بأسرها وعَلى جَمِيع مَا في الخزائن السُّلْطَانِيَّة الَّتِى جمعهَا الْمُؤَيد سوى أُسْبُوع قَالَ المقريزي كَانَ يمِيل إلى تدين وَفِيه لين واعطاء وكرم مَعَ طيش وخفة وَشدَّة تعصب لمَذْهَب الْحَنَفِيَّة يُرِيد أَن لَا يدع أحداً من الْفُقَهَاء غير الْحَنَفِيَّة وأتلف في مدَّته مَعَ قصرهَا أَمْوَالًا عَظِيمَة وَحمل الدولة كلفاً