الْأَرْبَعَاء سادس عشر الْمحرم سنة ٨٩٠ تسعين وثمان مائَة
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مَحْمُود الحلبي الحنفي الْمَعْرُوف بِابْن الشّحْنَة الْكَبِير
وَالِد الْمَذْكُور قبله ولد سنة ٧٤٩ تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة بحلب وَنَشَأ بهَا وَأخذ عَن شُيُوخ بَلَده والقادمين إِلَيْهَا وارتحل إِلَى دمشق والقاهرة فَأخذ عَن أعيانها وَأذن لَهُ شَيْخه فِي الْإِفْتَاء والتدريس قبل أَن يلتحي واشتهرت فضايله وَولى قَضَاء بَلَده وَولى قَضَاء مصر ودمشق وَلما فتح تيمورلنك حلب وَكَانَ صَاحب التَّرْجَمَة بهَا فَاسْتَحْضرهُ هُوَ وَطَائِفَة من الْعلمَاء وسألهم عَن الْقَتْلَى من الطَّائِفَتَيْنِ من أَصْحَابه وَمن أهل حلب من فِي الْجنَّة مِنْهُم وَمن فِي النَّار فَقَالَ صَاحب التَّرْجَمَة هَذَا سُؤال قد سُئِلَ عَنهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاستنكر تيمورذلك فَقَالَ لَهُ إن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن الرجل يُقَاتل شجاعة وَالرجل يُقَاتل حمية كَمَا فِي الحَدِيث فَقَالَ من قَاتل لتَكون كلمة الله هِيَ الْعليا فَهُوَ فِي سَبِيل الله فَاسْتحْسن تيمور كَلَامه
وَللَّه دره فَلَقَد لقن الصَّوَاب وَجَاء بِمَا لم يكن فِي حِسَاب وَلم يكن لتيمور مقصد بالسؤال الْمَذْكُور إِلَّا التَّوَصُّل إِلَى سفك دَمه وَدم من مَعَه من الْعلمَاء كَمَا جرت بذلك عاداته فَإِنَّهُم إن قَالُوا إن المحقين أَصْحَابهم لم يأمنوا شَره وَإِن قَالُوا إن المحقين أَصْحَابه أقرُّوا على أنفسهم بالغي ويجد بذلك السَّبِيل إِلَى سفك دِمَائِهِمْ وَله مؤلف فِي التَّفْسِير وحاشية على الْكَشَّاف وَلم يكمل ومختصر فِي الْفِقْه وَاخْتصرَ منظومة النسفي فِي ألف بَيت مَعَ زِيَادَة مَذْهَب أَحْمد ونظم ألف بَيت فِي عشرَة عُلُوم
وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ من أَفْرَاد الدَّهْر علماً وفصاحة وعقلاً ورياسة