الْبكاء دَائِم الخشية لله لَا يَأْكُل إِلَّا من نذور تصل إِلَيْهِ بعد أَن يعلم أَنَّهَا من جِهَة تحل لَهُ وَلَا يتَنَاوَل شَيْئا من بيُوت الْأَمْوَال
ومجلسه معمور بالعلماء وَالصَّالِحِينَ وَقِرَاءَة الْعلم وتلاوة الْقُرْآن لَا يزَال رطب اللِّسَان بِذكر الله على جَمِيع حَالَته وَقد صَار عدله فِي الرعية مثلا مَضْرُوبا وَكَانَ أهل عصره يكنونه فَيَقُولُونَ أَبُو عَافِيَة لِأَنَّهُ لَا يضر أحدا مِنْهُم فِي مَال وَلَا بدن بل قد يحْتَاج فِي بعض الْأَوْقَات لنائبه من نوائبه فَيسْأَل أهل الثروة من التُّجَّار وَأَمْوَالهمْ متوفرة أَن يقرضوه فَلَا يَفْعَلُونَ لأَنهم لَا يخَافُونَ فِي الْحَال وَلَا فِي الْمُسْتَقْبل واستوطن هِجْرَة معبر الْمَشْهُورَة
وَمَات لَيْلَة الْجُمُعَة ثَالِث شهر جُمَادَى الْآخِرَة سنة ١٠٩٧ سبع وَتِسْعين وَألف وَصَارَت الْخلَافَة بعده إِلَى مُحَمَّد بن أَحْمد المهدي صَاحب الْمَوَاهِب كَمَا تقدم ذكر ذَلِك فِي تَرْجَمته
السَّيِّد مُحَمَّد بن بَرَكَات بن حسن بن عجلَان الْحسنى أَمِير مَكَّة وَابْن أمرائها
ولد فِي رَمَضَان سنة ٨٤٠ أَرْبَعِينَ وثمان مائَة بِمَكَّة وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة من الْأَعْيَان وَنَشَأ فِي كنف أَبِيه ثمَّ سَأَلَ الْأَب إشراك وَلَده مَعَه فِي الْأَمر فَفعل السُّلْطَان ذَلِك فوصل المرسوم إِلَى مَكَّة بذلك ودعي لَهُ على زَمْزَم كعادتهم وَكَانَ غايبا بِالْيمن
وَلما وصل إِلَيْهِ الْخَبَر بذلك عَاد إِلَى مَكَّة وحمدت سيرته وَتوجه إِلَى بِلَاد الشرق غير مرة وَأكْثر من زِيَارَة الْقَبْر النبوي على صَاحبه أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام وَمَعَ زيارته يحسن إِلَى أهل الْمَدِينَة وَكَانَ كثير التفقد لأهل مَكَّة لَا سِيمَا الْفُقَرَاء والغرباء وَأمن النَّاس فِي أَيَّامه وَكَثُرت أَمْوَاله وَأَتْبَاعه وفَاق أسلافه وَمَا زَالَ أمره فِي نمو