للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَلَامه وَكَانَ إذا وَفد عَلَيْهِ من لَهُ خبْرَة بِعلم الْفِقْه أورد عَلَيْهِ مسَائِل قد حفظهَا من علم الأصول وَالتَّفْسِير والْحَدِيث وإذا وَفد عَلَيْهِ من يعرف عُلُوم الِاجْتِهَاد أَو بَعْضهَا أورد عَلَيْهِ مسَائِل من دقائق الْفِقْه فيظن الْفَقِيه أنه مبرز في غير الْفِقْه ويظن غَيره الْعَكْس من ذَلِك فتولد لَهُ من هَذَا عَظمَة فِي الصُّدُور كَبِيرَة وَكَانَ كثيراً مَا يسْتَخْرج رايات شريفة إمامية لجَماعَة من أهل الْعلم الَّذين يلازمون حَضرته بأنهم يقضون بَين النَّاس ويقبضون مِنْهُم أجرتهم الَّتِى يستحقونها وَمن كَانَ بِهَذِهِ المثابة من الْقُضَاة فَهُوَ الَّذِي يُقَال لَهُ حَاكم السَّبِيل فِي الْعرف أي لَا تَقْرِير لَهُ من بَيت المَال فَكَانَ مثل هَذَا أَيْضا من مُوجبَات تَعْظِيمه وَالْحَاصِل أنه كَانَ صَدرا من الصُّدُور عَظِيم الهمة شرِيف النَّفس كَبِير الْقدر نَافِذ الْكَلِمَة لَهُ دنيا وَاسِعَة وأملاك جليلة أصلها من فضلات رزقه عِنْد تَوليته قَضَاء حُبَيْش فإنه كَانَ يشتري بِمَا فضل لَهُ أَرضًا للزَّرْع ثمَّ تكاثرت تِلْكَ الأرض وَكَانَ يكْتَسب بِمَا فضل من غلاتها ثمَّ تضاعفت غَايَة المضاعفة وَصَارَ من الْمَشْهُورين بِكَثْرَة الْأَمْلَاك وَكَانَ يَجْعَل ضيافات عَظِيمَة وَيجمع فِيهَا الْأَعْيَان والأكابر وَقد دعاني في أَيَّام طلبي للْعلم إلى بَيته مَرَّات وَيظْهر من التَّعْظِيم والآجلال مَالا يُوصف وَآخر ذَلِك قبيل مَوته بِنَحْوِ نصف سنة فإنه أضافني مُنْفَردا وَقد كَانَ اشْتغل جمَاعَة فِي تِلْكَ الْأَيَّام بالحط على بِمَا يَقْتَضِيهِ اجتهادي فِي كثير من الْمسَائِل كَمَا هُوَ دأب الْيمن وَأَهله بل دأب جَمِيع الْمُقَصِّرِينَ مَعَ من يمشي مَعَ الدَّلِيل من الْعلمَاء فَقَالَ لي رَحمَه الله مَا مضمونه إن فِي التظهر بذلك فتْنَة وَذكر لي قضايا جرت مَعَ السَّيِّد الْعَلامَة مُحَمَّد بن اسمعيل الْأَمِير شَاهدهَا وَعرفهَا وَمَا زَالَ يضْرب لي الْأَمْثَال بِكَلَام رصين

<<  <  ج: ص:  >  >>