للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هَذَا نَحْو ثَلَاث وَعشْرين سنة وَهُوَ لَا يزْدَاد إلا خيّراً وإنفاقاً على من يسْتَحق ذَلِك وَهُوَ فى هَذِه الْخصْلَة مُنْقَطع القرين عديم النظير لَا سِيمَا في هَذَا الْعَصْر فإنه قد يعْطى بعض المحاويج الَّذين لَا يتصلون بِهِ عَطاء يُجَاوز الْوَصْف في الْكَثْرَة ويشتري الْبيُوت ويهبها لمن لَا بَيت لَهُ ويعين من أَرَادَ أَن يشترى بَيْتا اذا كَانَ مُسْتَحقّا لَا كثر الثّمن أوكله وَقد صنع هَذَا المصنع مَعَ أنَاس كثيرين وَهُوَ يكره ظُهُور ذَلِك واطلاع النَّاس عَلَيْهِ وَذَلِكَ دَلِيل الخلوص وأنى لَا كثر التَّعَجُّب من كَثْرَة صدقاته الَّتِى مِنْهَا مَا يبلغ الْمِائَة القرش وفوقها ودونها بل أخبرني بعض الْعلمَاء أَنه اطلع على مَا وهبه لبَعض الْعلمَاء وَكَانَت جملَته ألف قِرْش دفْعَة وَاحِدَة وأخبرني آخر أَنه بلغ إعطاؤه لعالم آخر اثنتي عشرَة مائَة قِرْش دفْعَة وَاحِدَة وناهيك بِهَذَا فإن عَطاء الْمُلُوك في عصرنا يتقاصر عَنهُ ويزداد التَّعَجُّب من استمراره على ذَلِك كَيفَ قدر على الْقيام بِهِ مَعَ أَن غَيره مِمَّن بنظره أَعمال أَكثر من أَعماله ومدخولات أوفر من مدخزلاته قد لَا يقوم مَا يتَحَصَّل لَهُ بِمَا يستغرقه لخاصة نَفسه وَأَهله فضلاً عَن غير ذَلِك ثمَّ أذكر قَول الله تَعَالَى وَمَا أنفقتم من شئ فَهُوَ يخلفه وَقَول النبى صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم أنْفق ينْفق عَلَيْك فَأعْلم عِنْد ذَلِك السَّبَب وَمَعَ هَذَا فَهُوَ فِي عَيْش فائق مترفه فِي ملبوسه ومأكوله ومسكنه ومركبه وَجَمِيع أَحْوَاله على حد يقصر عَنهُ أَمْثَاله قد جمع الله لَهُ من نعم الدُّنْيَا مَالا يُدْرِكهُ غَيره وَأَعْطَاهُ من الكمالات مَالا يُوجد مجتمعاً فِي سواهُ فإنه مَعَ إحكامه لما يتَعَلَّق بِهِ من الْأَعْمَال الدولية مَعْدُود من الْعلمَاء مَذْكُور فِي الفرسان مَشْهُور بِحسن الرماية جيد الْخط قوي النثر حسن الْأَخْلَاق وَكَانَ بشوشاً متواضعاً سيوساً جلياً وقوراً سَاكِنا عفيفا مواظبا

<<  <  ج: ص:  >  >>