من الشُّيُوخ وَأدْركَ حِصَّة نافعة من المعارف وَفرغ نَفسه للْجِهَاد مَعَ وَالِده فَنَهَضَ بِمَا لاينهض بِهِ غَيره ونال من الاتراك مالم ينله أحد وأوقع بهم وقعات مُتعَدِّدَة حَتَّى استأصلهم وأخرجهم من الديار اليمنية بعد أَن حَارب جمَاعَة من كبرائهم كحيدر باشا وقانصوه باشا وَأخذ جَمِيع مَا بِأَيْدِيهِم من مدن الْيمن ووقعاته وملاحمه لَا يَتَّسِع لَهَا هَذَا الْمُخْتَصر وَقد سرد جَمِيع ذَلِك الجرموزي في سيرته وهي كتاب حافل وَلم يكن لأحد من الْعِنَايَة التَّامَّة بمجاهدة الأتراك مَا كَانَ لَهُ رَحمَه الله وَأسر فِي أَيَّام وَالِده وَحبس بِصَنْعَاء وبقي أَيَّامًا طائلة ثمَّ خرج خُفْيَة وهيأ الله لَهُ أَسبَاب ذَلِك فَلم يشْعر بِهِ أحد وَفِيه من الشجَاعَة والإقدام في المعارك مَا يبهر الْعُقُول فإنه وَحده يقوم مقَام الْجَيْش الْكثير وَقد أحَاط بِهِ في قاع صنعاء أَيَّام محاصرته لَهَا جمَاعَة من فرسَان الأتراك الْمَشْهُورين وهم عدد وَاسع يزِيد خيلهم على الألف فضلاً عَن سَائِر الْجَيْش وَلم يكن عِنْده إذ ذَاك إلا أَخُوهُ الْعَلامَة الْحُسَيْن الآتي ذكره وَنَفر يسير فدار الْقِتَال عَلَيْهِ وعَلى أَخِيه ومازال يصاولهم طَعنا وَضَربا ويجدل شجعانهم حَتَّى خرج من بَينهم سالما هُوَ وَمن مَعَه من النَّفر الْيَسِير وَكم أعدد من إقدامات هَذَا السَّيِّد الَّذِي تقصر الأقلام عَن حصر بعض مناقبه وَهُوَ نَظِير المطهّر ابْن شرف الدَّين أَو أرفع دَرَجَة مِنْهُ في الشجَاعَة والرياسة وَحسن التَّدْبِير وَقد بلغت جيوشه فِي بعض المواطن نَحْو ثَمَانِينَ الْفَا وَله في الْكَرم يَد طولى قَالَ السَّيِّد عَامر بن مُحَمَّد عبد الله بن عَامر الشَّهِيد في بغية المريد أنه أعطى الشريف طَاهِر الادريسى خَمْسَة وَعشْرين ألف قِرْش من النَّقْد وَمن الْجَوَاهِر والنفائس مَا يخرج عَن الْفِكر انْتهى ثمَّ بعد أَن أجلى الأتراك