ورحل إليه الطّلبَة من سَائِر الْبِلَاد وَتفرد بِهَذَا الشأن وَاجْتمعَ لَدَيْهِ آخر أَيَّامه مِنْهُم جمَاعَة وافرة وَهُوَ الْمُفْتى في الْجِهَات الزبيدية والمرجوع إليه في جَمِيع المشكلات وَلما مَاتَ في يَوْم الْجُمُعَة خَامِس عشر شهر شَوَّال سنة ١١٩٧ سبع وَتِسْعين وَمِائَة وألف قَامَ مقَامه وَلَده الْعَلامَة عبد الرَّحْمَن سُلَيْمَان في وَظِيفَة التدريس والإفتاء مَعَ حَدَاثَة سنه وَله شغلة كَبِيرَة بالعلوم والعقلية والنقلية وميل إلى التَّعَبُّد وأفعال الْخَيْر وَهُوَ الآن حي وفتاويه تصل إلينا وهي فَتَاوَى متقنة ينْقل في كل مَا يرد عَلَيْهِ من السؤالات نُصُوص أَئِمَّة مذْهبه من الشَّافِعِيَّة وَقد كتب إليّ معاهدة مُشْتَمِلَة على نثر حسن يدل على تعلقه بالأدب ووالد المترجم لَهُ السَّيِّد يحيى بن عمر هُوَ مُسْند الديار اليمينة وَله مَجْمُوع في الأسانيد نَفِيس وَمن بعده من المشتغلين بِعلم الرِّوَايَة عِيَال عَلَيْهِ
١٨٨ - سلاّر التتري المنصوري
كَانَ من مماليك الصَّالح علي بن قلاون فَلَمَّا مَاتَ صَار من خَواص ابْنه ثمَّ من خَواص الأشرف وناب في الْملك عَن النَّاصِر وَاسْتمرّ في ذَلِك فَوق عشر سِنِين وانتدب إلى الكرك لإحضار النَّاصِر فركن إليه وَسَار مَعَه وَلما عَاد إلى السلطنة قدمه على الْكل وَغلب على الأمور وَصَارَ الأمر بِيَدِهِ وبيد بيبرس الْمُتَقَدّم ذكره وَكَانَ يُقَال إن إقطاعاته بلغت نَحْو أَرْبَعِينَ طبلخانة واشتهر بَين الْعَوام أَن دخله فِي كل يَوْم مائَة ألف دِرْهَم وَلما غلب على المملكة هُوَ وبيبرس سَار النَّاصِر إلى الكرك مغاضباً وعزل نَفسه عَن السلطنة فَوَقع الِاتِّفَاق على سلطنة سلاّر فَامْتنعَ واصر فتسلطن بيبرس وبقى على حَاله فى النِّيَابَة ثمَّ بلغه أَن حَاشِيَة بيبرس ألحت