للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَا كَانَ إِلَى مَا يَقِيه عَن النَّار وَإِذا الْتبس عَلَيْك هَذَا فَانْظُر مَا تَجدهُ من الطباع البشرية في هَذِه الدَّار فَإِنَّهُ لَو ألْقى الْوَاحِد من هَذَا النَّوْع الإنساني إِلَى نَار من نيار هَذِه الدُّنْيَا وَأمكنهُ أَن يتّقيها بِأَبِيهِ أَو بِأمة أَو بِابْنِهِ أَو بحبيبه لفعل فَكيف بِنَار الْآخِرَة الَّتِى لَيست نَار هَذِه الدُّنْيَا بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهَا شَيْئا وَمن هَذِه الْحَيْثِيَّة قَالَ بعض من نظر بِعَين الْحَقِيقَة لَو كنت مغتاباً أحداً لاغتبت أَبى وأمي لِأَنَّهُمَا أَحَق بحسناتي الَّتِى تُؤْخَذ مني قسراً وَمَا أحسن هَذَا الْكَلَام

وَلَا ريب أَن أَشد أَنْوَاع الْغَيْبَة وأضرّها وأشرّها وأكثرها بلَاء وعقاباً مَا بلغ مِنْهَا إِلَى حد التَّكْفِير واللعن فَإِنَّهُ قد صَحَّ أَن تَكْفِير الْمُؤمن كفر ولعنه رَاجع على فَاعله وسبابه فسق وَهَذِه عُقُوبَة من جِهَة الله سُبْحَانَهُ وَأما من وَقع لَهُ التَّكْفِير واللعن والسب فمظلمة بَاقِيَة على ظهر الْمُكَفّر واللاّعن والسباب فَانْظُر كَيفَ صَار الْمُكَفّر كَافِرًا واللاعن ملعوناً والسباب فَاسِقًا وَلم يكن ذَلِك حد عُقُوبَته بل غَرِيمه ينْتَظر بعرصات الْمَحْشَر ليَأْخُذ من حَسَنَاته أَو يضع عَلَيْهِ من سيئاته بِمِقْدَار تِلْكَ الْمظْلمَة وَمَعَ ذَلِك فَلَا بُد من شئ غير ذَلِك وَهُوَ الْعقُوبَة على مُخَالفَة النهي لِأَن الله قد نهى فِي كِتَابه وعَلى لِسَان وَرَسُوله عَن الْغَيْبَة بِجَمِيعِ أقسامها ومخالف النَّهْي فَاعل محرم وفاعل الْمحرم معاقب عَلَيْهِ وَهَذَا عَارض من القَوْل جرى بِهِ الْقَلَم ثمَّ أحجم عَن الْكَلَام سَائِلًا من الله حسن الختام رَاجعا إِلَى كَمَال تَرْجَمَة ذَلِك السَّيِّد الْهمام فَنَقُول صَاحب التَّرْجَمَة حَال تَحْرِير هَذِه الأحرف مُسْتَمر على تِلْكَ الْخِصَال الجميلة والمناقب الجليلة قَانِع بميسور من الْعَيْش مُؤثر للخمول الذي هُوَ الرَّاحَة وَالنعْمَة المجهولة زَاده الله من أفضاله وأنجح لَهُ مَا يرجوه من آماله وَتوفى رَحمَه الله

<<  <  ج: ص:  >  >>