أنبائه في تَرْجَمَة أَخِيه الهادي لِأَن صَاحب التَّرْجَمَة إذ ذَاك كَانَ صَغِيرا فَقَالَ وَله أَخ يُقَال لَهُ مُحَمَّد مقبل على الِاشْتِغَال بِالْحَدِيثِ شَدِيد الْميل إِلَى السنة بِخِلَاف أهل بَيته انْتهى
وَلَو لقِيه الْحَافِظ ابْن حجر بعد أَن تبحر فِي الْعُلُوم لأطال عنان قلمه فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يثني على من هُوَ دونه بمراحل ولعلها لم تبلغ أخباره إِلَيْهِ وَإِلَّا فَابْن حجر قد عَاشَ بعد صَاحب التَّرْجَمَة زِيَادَة على اثني عشر سنة كَمَا تقدم فِي تَرْجَمته
وَكَذَلِكَ السخاوي لَو وقف على العواصم والقواصم لرَأى فِيهَا مَا يمْلَأ عَيْنَيْهِ وَقَلبه ولطال عنان قلمه فِي تَرْجَمته وَلَكِن لَعَلَّه بلغه الاسم دون الْمُسَمّى
وَلَا ريب أن عُلَمَاء الطوائف لَا يكثرون الْعِنَايَة بِأَهْل هَذِه الديار لاعتقادهم فِي الزيدية مَالا مُقْتَضى لَهُ إلا مُجَرّد التَّقْلِيد لمن لم يطلع على الْأَحْوَال فَإِن فِي ديار الزيدية من أَئِمَّة الْكتاب وَالسّنة عددا يُجَاوز الْوَصْف يتقيدون بِالْعَمَلِ بنصوص الْأَدِلَّة ويعتمدون على مَا صَحَّ فِي الْأُمَّهَات الحديثية وَمَا يلْتَحق بهَا من دواوين الْإِسْلَام الْمُشْتَملَة على سنة سيد الْأَنَام وَلَا يرفعون إِلَى التَّقْلِيد رَأْسا لَا يشوبون دينهم بشئ من الْبدع الَّتِى لَا يَخْلُو أهل مَذْهَب من الْمذَاهب من شَيْء مِنْهَا بل هم على نمط السلف الصَّالح فِي الْعَمَل بِمَا يدل عَلَيْهِ كتاب الله وَمَا صَحَّ من سنة رَسُول الله مَعَ كَثْرَة اشتغالهم بالعلوم الَّتِى هِيَ آلَات علم الْكتاب وَالسّنة من نَحْو وَصرف وَبَيَان وأصول ولغة وَعدم إخلالهم بِمَا عدا ذَلِك من الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة وَلَو لم يكن لَهُم من المزية إلا التقيد بنصوص الْكتاب وَالسّنة وَطرح التَّقْلِيد فَإِن هَذِه خصيصة خص الله بهَا أهل هَذِه الديار فِي هَذِه الْأَزْمِنَة الْأَخِيرَة وَلَا تُوجد فِي غَيرهم إلا نَادرا
وَلَا ريب أَن فِي سَائِر الديار المصرية والشامية من الْعلمَاء الْكِبَار من لَا يبلغ غَالب أهل دِيَارنَا هَذِه إِلَى رتبته