للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْحسن بن الإِمَام وَهُوَ عَمه وَغير هَؤُلَاءِ وَالْحَاصِل أَنه ملك من أكابر الْمُلُوك كَانَ يَأْخُذ المَال من الرعايا بِلَا تَقْدِير وينفقه بِلَا تَقْدِير وَكَانَت الْيمن من بعد خُرُوج الأتراك مِنْهَا إِلَى أَن ملكهَا صَاحب التَّرْجَمَة مصونة عَن الْجور والجبانات وَأخذ مَالا يسوغه الشَّرْع فَلَمَّا قَامَ هَذَا أَخذ المَال من حله وَغير حله فعظمت دولته وجلت هيبته وتمكنت سطوته وتكاثرت أجناده وَصَارَ بالملوك أشبه مِنْهُ بالخلفاء وَمَعَ ذَلِك فَهُوَ يتزهد فِي ملبوسه فَإِنَّهُ كَانَ لَا يلبس الْحَرِير وَلَا رفيع الثِّيَاب وَكَانَ يُسمى صَاحب السَّجْدَة لِأَنَّهُ كَانَ إِذا خرج من موكبه وَرَأى مَا بَين يَدَيْهِ من الأجناد الْمَالِيَّة للْقَضَاء ترجل عَن جَوَاده وَسجد شكرا لله وتواضعا ومرغ وَجهه بِالْأَرْضِ وَكَانَ سفاكا للدماء بِمُجَرَّد الظنون والشكوك وَقد قتل عَالما بذلك السَّبَب وشاع على الألسن أَنه كَانَ يَأْتِيهِ فِي اللَّيْل من يخاطبه بِأَنَّهُ يقتل فلَانا وينهب مَال فلَان وَيُعْطى فلَانا وَيمْنَع فلَانا فَإِذا كَانَ النَّهَار عمل بِجَمِيعِ ذَلِك وَلَعَلَّ هَذَا الْمُخَاطب لَهُ من مَرَدَة الْجِنّ وَكَانَ يمِيل إِلَى أهل الْعلم ويجالسهم ويتشبه بهم وَرُبمَا قرأوا عَلَيْهِ وَلم يكن عَالما وَلَكِن كَانَ يحب التظهر بِالْعلمِ فيساعده على ذَلِك عُلَمَاء حَضرته رغبا ورهبا وَله تصنيف سَمَّاهُ الشَّمْس المنيرة فِي مُجَلد لطيف وقفت عَلَيْهِ وَفِيه نقل مسَائِل من مؤلفات جد ابيه الإِمَام الْقَاسِم ابْن مُحَمَّد وَلكنهَا غير مرتبَة وَلَا منقولة على أسلوب بل لَا يدري المطلع على ذَلِك الْكتاب مَا مَوْضُوعه وَلَا مَا غَرَض مُؤَلفه وَسبب ذَلِك كَون مُؤَلفه لَيْسَ من الْعلمَاء وَمَعَ هَذَا فَكَانَ يقرأه عَلَيْهِ جمَاعَة من أكَابِر الْعلمَاء وَلَيْسَ فِي موسعهم نصحه وتعريفه بِالْحَقِيقَةِ لما جبل عَلَيْهِ من الطيش وتعجيل الْعقُوبَة

وَمن علو همته أَنه إِذا أراد الْإِيقَاع بوزير من وزرائه أَو

<<  <  ج: ص:  >  >>