وَيعلم ذَلِك كل من اطلع على مؤلفاته أَو شَاهده وَهُوَ عَارِف بفنه منصف فِي تراجمه ورحم الله جدي حَيْثُ قَالَ فِي تَرْجَمته إنه انْفَرد بفنه وطار اسْمه فِي الآفاق بِهِ وَكَثُرت مصنفاته فِيهِ وَفِي غَيره وَكثير مِنْهَا طَار شرقا وغربا شاما ويمنا وَلَا أعلم الْآن من يعرف عُلُوم الحَدِيث مثله وَلَا أَكثر تصنيفا وَلَا أحسن وَكَذَلِكَ أَخذهَا عَنهُ عُلَمَاء الْآفَاق من الْمَشَايِخ والطلبة والرفاق وَله الْيَد الطُّولى فِي الْمعرفَة بأسماء الرِّجَال وأحوال الروَاة وَالْجرْح وَالتَّعْدِيل وَإِلَيْهِ يشار فِي ذَلِك وَلَقَد قَالَ بعض الْعلمَاء لم يَأْتِ بعد الْحَافِظ الذهبى مثله سلك هَذَا الْمسك وَبعده مَاتَ فن الحَدِيث وأسف النَّاس على فَقده وَلم يخلف بعده مثله
وَكَانَت وَفَاته فِي مجاورته الْأَخِيرَة بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَة فِي عصر يَوْم الْأَحَد سادس عشر شعْبَان سنة ٩٠٢ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعمِائَة انْتهى مَا ذكره ابْن فَهد وَلَو لم يكن لصَاحب التَّرْجَمَة من التصانيف إلا الضَّوْء اللامع لَكَانَ أعظم دَلِيل على إمامته فَإِنَّهُ ترْجم فِيهِ أهل الديار الإسلامية وسرد فِي تَرْجَمَة كل أحد محفوظاته ومقرواته وشيوخه ومصنفاته وأحواله ومولده ووفاته على نمط حسن وأسلوب لطيف ينبهر لَهُ من لَدَيْهِ معرفَة بِهَذَا الشَّأْن ويتعجب من احاطته بذلك وسعة دائرته فِي الِاطِّلَاع على أَحْوَال النَّاس فَإِنَّهُ قد لَا يعرف الرجل لَا سِيمَا فِي دِيَارنَا اليمنية جَمِيع مسموعات ابْنه أَو أَبِيه أَو أَخِيه فضلا عَن غير ذَلِك وَمن قرن هَذَا الْكتاب الذي جعله صَاحب التَّرْجَمَة لأهل الْقرن التَّاسِع بالدرر الكامنة لشيخه ابْن حجر فِي أهل الْمِائَة الثَّامِنَة عرف فضل مُصَنف صَاحب التَّرْجَمَة على مُصَنف شَيْخه بل وجد بَينهمَا من التَّفَاوُت مَا بَين الثرى والثريا وَلَعَلَّ الْعذر لِابْنِ