للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِي مَدِينَة فاس وَبَالغ فِي إكرامهما ثمَّ نقل صَاحب التَّرْجَمَة إِلَى مَدِينَة مراكش فَأكْرمه عمالها ثمَّ شفع لَهُ أَبُو سَالم مرة ثَانِيَة فَردَّتْ عَلَيْهِ ضيَاعه بغرناطة إِلَى أَن عَاد السُّلْطَان مُحَمَّد إِلَى السلطنة فَقدم عَلَيْهِ صَاحب التَّرْجَمَة بأَهْله فَأكْرمه وقلده مَا وَرَاء بَابه فباشر ذَلِك مُقْتَصرا على الْكِفَايَة رَاضِيا بالدون من الثِّيَاب هاجرا للتأنق فِي جَمِيع أَحْوَاله صادعا بِالْحَقِّ وَعمر زَاوِيَة ومدرسة وصلحت أُمُور سُلْطَانه على يَده فَلم يزل على ذَلِك إِلَى أَن وَقع بَينه وَبَين عُثْمَان بن يحيى بن عمر شيخ الْقرَاءَات منافرة أدَّت إِلَى نفي عُثْمَان الْمَذْكُور فِي شهر رَمَضَان سنة ٧٦٤ فَظن ابْن الْخَطِيب أَن الْوَقْت صفا لَهُ وَأَقْبل سُلْطَانه على اللَّهْو وَانْفَرَدَ هُوَ بتدبير المملكة فكثرت القالة فِيهِ من الحسدة واستشعر فِي آخر الْأَمر أَنهم سعوا بِهِ إِلَى السُّلْطَان وخشى البادرة فَأخذ فِي التحيل فِي الْخَلَاص وراسل أبي سَالم صَاحب فاس فِي اللحاق بِهِ وَخرج مظْهرا أَنه يُرِيد تفقد الثغور الغربية فَلم يزل حَتَّى حَاذَى جبل الْفَتْح فَركب الْبَحْر إِلَى سبتة وَدخل مَدِينَة فاس سنة ٧٧٣ فَتَلقاهُ أَبُو سَالم وَبَالغ فِي إكرامه وأجرى لَهُ الرَّوَاتِب فَاشْترى بهَا ضيَاعًا وبساتين فَبلغ ذَلِك أعداءه بالأندلس فسعوا بِهِ عِنْد السُّلْطَان مُحَمَّد حَتَّى أذن لَهُم فِي الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِمَجْلِس الْحَاكِم بِكَلِمَات كَانَت تصدر مِنْهُ وينسب إليه واثبتوا ذَلِك وسألوه الحكم بِهِ فَحكم بزندقته وإراقة دَمه وَأَرْسلُوا صُورَة الْمَكْتُوب إِلَى فاس فَامْتنعَ أَبُو سَالم وَقَالَ هلا أقمتم ذَلِك عَلَيْهِ وَهُوَ عنْدكُمْ فأما مَا دَامَ عندي فَلَا يُوصل إِلَيْهِ فاستمر على حَالَته بفاس إِلَى أَن مَاتَ أَبُو سَالم فَلَمَّا تسلطن أَبُو الْعَبَّاس بعده أغراه بِهِ أعداؤه فَلم يزَالُوا بِهِ حَتَّى قبض عَلَيْهِ وسجن فَبلغ ذَلِك سُلْطَان غرناطة فأرسل وزيره أَبَا عبد الله إِلَى أَبى الْعَبَّاس

<<  <  ج: ص:  >  >>