اللهجة قد أنافت سنوه على الثَّمَانِينَ وخنقت التسعني فَقَالَ قصيدة أَولهَا
(مَا أنصف الدَّار وَاقِف فِيهَا ... يثني على غَيرهَا ويطريها)
(فقف بهَا ناشرا محاسنا ... وانح بِهِ مَا حوت نَوَاحِيهَا)
(ووفها النَّعْت غير مُخْتَصر ... فَلَيْسَ نزر الثَّنَاء يكفيها)
(يكَاد يجْرِي السفين سافلها ... يكَاد يَعْلُو النُّجُوم عاليها)
(لم يبْق فِي النَّاس من إِذا ذكرت ... بوحدة الْكَوْن لم يقل إيها)
(فعج بهَا الصحب واقض واجبها ... وقف بهَا وَقْفَة المهنيها)
(إِن أغد ذَا نعْمَة فواهبها ... أَنْت فَذَاك الورى ومنشيها)
(وَمَا ترَاهُ عَليّ من حلل ... فَأَنت كاس بهَا ومعطيها)
(وكل مَا ضم منزلي ويدي ... من نعْمَة لي فَأَنت موليها)
(لَا نسي الله حسن فعلك بل ... أسأله فِي الْحَيَاة ينسيها) // المنسرح //
قَالَ مؤلف الْكتاب وأنشدني أَبُو بكر الْخَوَارِزْمِيّ لنَفسِهِ قصيدة فِي دَار الصاحب عرض بهَا قصيدة الرستمي فِي الْوَزْن والقافية إِذْ هِيَ أَجود القصائد فَمِنْهَا
(أكل بِنَاء أَنْت بانيه معجز ... بنيت الْمَعَالِي أم بنيت المنازلا)
(فَلَا الْإِنْس تبني مِثْلهنَّ معالما ... وَلَا الْجِنّ تبني مِثْلهنَّ معاقلا)
(كنائس أضحت للغمام عمائما ... علوا وأمست فِي الظلام قنادلا)
(رحاب كَأَن قد شاكلت صدر رَبهَا ... وبيض كَأَن قد نازعته الشمائلا)
(وبهو تباهي الأَرْض مِنْهُ سماءها ... بأوسع مِنْهَا آخرا وأوائلا)
(وصحن يسير الطّرف فِيهِ وَلم يكن ... ليقطعه بالسير إِلَّا مراحلا)
(تلوح نقوش الجص فِي جدرانه ... كَمَا زين الوشم الدَّقِيق الأناملا)
(وَمَاء إِذا أَبْصرت مِنْهُ صفاءه ... حسبت نُجُوم اللَّيْل ذَابَتْ سوائلا)