(عجبا مِمَّن تعالت حَاله ... فكفاه الله زلات الطّلب)
(كَيفَ لَا يقسم شطري عمره ... بَين حَالين نعيم وأدب) // من الرمل //
وَكَانَ يتعصب لآل بويه تعصبا شَدِيدا ويغض من سُلْطَان خُرَاسَان وَيُطلق لِسَانه بِمَا لَا يقدر عَلَيْهِ إِلَى أَن كَانَت أَيَّام تاش الْحَاجِب وَرجع من خُرَاسَان إِلَى نيسابور مُنْهَزِمًا فشمت بِهِ وَجعل يَقُول قبحا لَهُ وللوزير أبي الْحسن الْعُتْبِي فأبلغ الْعُتْبِي أبياتا منسوبة إِلَى الْخَوَارِزْمِيّ فِي هجائه وَلم يكن قَالَهَا مِنْهَا
(قل للوزير أَزَال الله دولته ... جزيت صرفا على قَول ابْن مَنْصُور) // من الْبَسِيط //
فكبت إِلَى تاش فِي أَخذه ومصادرته وَقطع لِسَانه وَإِلَى أبي المظفر الرعيني فِي مَعْنَاهُ وَكَانَ يَلِي البندرة بنيسابور إِذْ ذَاك فَتَوَلّى حَبسه وتقييده وَأخذ خطه بِمِائَتي ألف دِرْهَم واستخرج بعض المَال وَأذن لَهُ فِي الرُّجُوع إِلَى منزله مَعَ الموكلين بِهِ ليحمل الْبَاقِي فاحتال عَلَيْهِم يَوْمًا وشغلهم بِالطَّعَامِ وَالشرَاب وهرب متنكرا إِلَى حَضْرَة الصاحب بجرجان فتجلت عَنهُ غمَّة الْخطب وانتعش فِي ذَلِك الفناء الرحب وعاود الْعَادة المألوفة من المبار والأحبة وَاتفقَ قتل أبي الْحسن الْعُتْبِي وَقيام أبي الْحسن الْمُزنِيّ مقَامه وَكَانَ من أَشد النَّاس حبا للخوارزمي فاستدعاه وَأكْرم مورده ومصدره وَكتب إِلَى نيسابور فِي رد مَا أَخذ مِنْهُ عَلَيْهِ فَفعل وزادت حَاله وَثَبت قدمه وَنظر إِلَيْهِ وُلَاة الْأَمر بنيسابور بِعَين الحشمة والاحتشام وَالْإِكْرَام والإعظام فارتفع مِقْدَاره وطاب عيشه إِلَى أَن رمي فِي آخر أَيَّامه بِحجر من الهمذاني الْحَافِظ البديع وبلي بمساجلته ومناظرته ومناضلته وأعان الهمذاني الْحَافِظ البديع عَلَيْهِ قوم من الْوُجُوه كَانُوا مستوحشين مِنْهُ جدا فلاقى مَا لم يكن فِي حسابه من مباراة الْمُزنِيّ وقوته بِهِ وأنف من تِلْكَ الْحَال وانخزل انخزالا شَدِيدا وكسف باله وانخفض طرفه
وَلم يحل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute