للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاتضح من هذا المثال أن عدم ثبوت السماع علة في الإسناد، فثبوته إذاً شرط من شروط صحته.

ج- قال عبد الله: قال أبي: كنا عند سليمان بن حَرب فذكرْنا المسحَ على الخفّيْن، فذكرْنا أحاديثَ، فجعل سليمان بن حرب يقول: ذا لا يُحتمل، وذا ما أدري، قلنا: أيشٍ عندك؟ قال: خالد، عن أبي عثمان، عن عمر قال: يمسح حتى يأوي إلى فراشه (١). قلنا: خالد لم يسمع من أبي عثمان شيئاً، يقول ذلك بعض الناس، ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يُوقِّت (٢)، ويقول: خالد عن أبي عثمان! كأنه لم يرض منه بذلك (٣).

في هذه المسئلة طعَن الإمامُ أحمد ومَن معه على الأثر الذي احتجّ به شيخُهم سليمانُ بن حرب في عدم التوقيت في المسح على الخفين، طعنوا فيه بعدم سماع خالد ـ وهو ابن مهران الحذاء ـ من أبي عثمان النهدي، فدل على أن عدم السماع


(١) أثر عمر رواه ابن المنذر من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، عن أبي عوانة، عن خالد الحذاء، عن
أبي عثمان النهدي، عن عمر أنه قال في المسح على الخفين: "يمسح إلى الساعة التي توضأ فيها". الأوسط ١/ ٤٤٣ ث ٤٦٩. وتابعه عاصم بن سليمان الأحول عن أبي عثمان: أخرجه عبد الرزاق المصنف ١/ ٢٠٩ ح ٨٠٨، والبيهقي السنن الكبرى ١/ ٢٧٦ بلفظ: "يمسح عليهما إلى مثل ساعته من يومه وليلته".
وهذان اللفظان يختلفان عن اللفظ الذي ذكره سليمان بن حرب في روايته، ولعل ذلك راجع إلى تصرف سليمان في اللفظ، فإنه كان كثير الرواية بالمعنى. قال الخطيب: كان سليمان يروي الحديث على المعنى فتتغير ألفاظه في روايته تاريخ بغداد ٩/ ٣٦، وانظر: تهذيب الكمال ١١/ ٣٩١.
(٢) من هذه الأحاديث حديث عوف بن مالك الأشجعي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالمسح على الخفين في غزوة تبوك ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوماً وليلة للمقيم. أخرجه أحمد المسند ٣٩/ ٤٢٢ ح ٢٣٩٩٥. قال الإمام أحمد: هذا أجود حديث في المسح على الخفين لأنه في غزوة تبوك آخر غزوة غزاها تنقيح التحقيق بحاشية التحقيق ١/ ١٨٧.
(٣) العلل ومعرفة الرجال ـ برواية عبد الله ٢/ ٥٤١ رقم ٣٥٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>