للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الإسراء: ٢٤]؛ وَلِهَذَا قَالَ: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [لقمان: ١٤] أَيْ: فَإِنِّي سَأَجْزِيكَ عَلَى ذَلِكَ أَوْفَرَ الْجَزَاءِ» (١).

ولا شك أن ضعفها ومعاناتها الحمل وآلامه تتتابع وتتزايد كما وضح ذلك الألوسي بقوله: «فَالْمُرَادُ تَضْعُفُ ضَعْفًا مُتَزَايِدًا بِازْدِيَادِ ثِقَلِ الْحَمْلِ إِلَى مُدَّةِ الطَّلْقِ، وَقِيلَ: ضَعْفًا مُتَتَابِعًا وَهُوَ ضَعْفُ الْحَمْلِ، وَضَعْفُ الطَّلْقِ، وَضَعْفُ النِّفَاسِ» (٢).

ويؤكد نفس المعنى ابن عاشور فيقول: «والوهن وهو الضعف وقلة الطاقة على تحمل شيء، فإن حمل المرأة يقارنه التعب من ثقل الجنين في البطن، والضعف من انعكاس دمها إلى تغذية الجنين، ولا يزال ذلك الضعف يتزايد بامتداد زمن الحمل فلا جرم أنه وهن على وهن، وجملة {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ} [لقمان: ١٤] في موضع التعليل للوصاية بالوالدين قصدًا لتأكيد تلك الوصاية لأن تعليل الحكم يفيده تأكيدًا، ولأن في مضمون هذه الجملة ما يثير الباعث في نفس الولد على أن يبر بأمه ويستتبع البر بأبيه» (٣).

ويوضح الزَّمَخْشَرِيُّ المعتزلي فيقول: «والْمَعْنَى: أَنَّهَا تَضْعُفُ ضَعْفًا فَوْقَ ضَعْفٍ، أَيْ: يَتَزَايَدُ ضَعْفُهَا وَيَتَضَاعَفُ» (٤).

ويقول ابن عطية: «وَ {وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ} [لقمان: ١٤] مَعْنَاهُ: ضَعْفًا عَلَى ضَعْفٍ، وَقِيلَ: إِشَارَةٌ إِلَى مَشَقَّةِ الْحَمْلِ وَمَشَقَّةِ الْوِلَادَةِ بَعْدَهُ، وَقِيلَ: إِشَارَةٌ إِلَى ضَعْفِ الْوَلَدِ وَضَعْفِ الْأُمِّ مَعَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ أَشَارَ إِلَى تَدَرُّجِ حَالِهَا فِي زِيَادَةِ الضَّعْفِ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ ضَعْفَيْنِ، بَلْ كَأَنَّهُ قَالَ: حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَالضَّعْفُ يَتَزَيَّدُ بَعْدَ الضَّعْفِ إِلَى أَنْ يَنْقَضِيَ أَمَدُهُ» (٥).


(١) ابن كثير (٦/ ٣٣٦).
(٢) الألوسي (٢١/ ٨٦).
(٣) ابن عاشور (٢٢/ ١٥٧ - ١٥٨) بتصرف يسير.
(٤) الزمخشري (٥/ ١٢).
(٥) ابن عطية (٧/ ٤٧).

<<  <   >  >>