للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{فَخُورٍ (١٨)} قَالَ: يُعَدِّدُ مَا أَعْطَى اللَّهَ، وَهُوَ لَا يَشْكُرُ اللَّهَ» (١).

والمختال: هو المتكبر كما سلف وقد يكون اختياله بفعله، وقد يكون أيضًا بقوله وبالعكس.

وفي ذلك يقول ابن سعدي:» إن الله لا يحب كل (مختال) بقوله (فخور) في نفسه وهيئته وتعاظمه» (٢).

ولقد حذر لقمان ولده من الكبر وأخلاق المتكبرين، وإنما يصدر هذا من قلب أبٍ شفيق حريص على وقاية فلذة كبده وثمرة فؤاده من غضب الله وأليم عقابه، و يدلل هذا أيضًا على حكمة لقمان، وفي مثل هذا المعنى جاء تحذير النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- لأمته فيقول: «من تعظّم في نفسه أو اختال في مِشْيته لقي اللهَ وهو عليه غضبان» (٣).

- وقال مجاهد في قوله تعالى {ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (٣٣)} [القيامة: ٣٣] «أي: يتبختر» (٤).

وقد أجاد من قال:

وَلَا تَمْشِ فَوْق الْأَرْض إِلَّا تَوَاضُعًا … فَكَمْ تَحْتهَا قَوْم هُمُو مِنْك أَرْفَع

وَإِنْ كُنْت فِي عِزّ وَحِرْز وَمَنْعَة … فَكَمْ مَاتَ مِنْ قَوْم هُمُو مِنْك أَمْنَع (٥).

وإنما أعقب لقمان تحذيره لولده من الكبر بقوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (١٨)} [لقمان: ١٨]، مبينًا له سبب نهيه عن الكبر ومحذرًا له من مغبته وسوء عاقبته.

وفي ذلك يقول الشوكاني: «وَجُمْلَةُ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (١٨)} تَعْلِيلٌ لِلنَّهْيِ.

وَالْفَخُورُ: هُوَ الَّذِي يَفْتَخِرُ عَلَى النَّاسِ بِمَا لَهُ مِنَ الْمَالِ أَوِ الشَّرَفِ أَوِ الْقُوَّةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَلَيْسَ


(١) الطبري (٢٠/ ١٤٥).
(٢) ابن سعدي (٦/ ١٣٥٣).
(٣) المسند (٥٩٩٥)، والأدب المفرد (٥٤٩)، وشُعَب الإيمان (٨١٦٧)، وصححه الحاكم في المستدرك (١/ ٦٠)، وقال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (١/ ٩٨): رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، وبنحوه قال الحافظ المُنْذري في الترغيب والترهيب (٤٣٠٢) في باب الترغيب في التواضع، والترهيب من الكِبْر والعُجب والافتخار، وقد أورد فيه (٤٤) حديثًا، منها هذا الحديث.
(٤) إحياء علوم الدين (جـ ٣) (ص ٣٤٠).
(٥) روضة العقلاء (ص ٦١).

<<  <   >  >>