وَقيل أَيْضا: مَا بلغ من طمَعكَ؟ قَالَ: مَا رأيتُ عروساً بِالْمَدِينَةِ تُزفُّ إِلَّا كنستُ بَيْتِي، ورششتُه طمَعاً فِي أَن تُزفَّ إليَّ. ووقف علىَ رجل خَيْزُراني - وَكَانَ يعْمل طبقًا - فَقَالَ لَهُ: وسعْه قَلِيلا. قَالَ الخَيْزْراني: وَمَا تُريد بذلك؟ كأنَّك تُريد أنْ تشتريَه؟ قَالَ: لَا، وَلَكِن يَشْتَرِيهِ بعضُ الْأَشْرَاف، فَيْهدي إِلَيّ فِيهِ شَيْئا. وَقَالَ لَهُ ابنُ أبي عَتيق: أمَا تَسْتَحي - وعندكَ مَا أرى - مِنْ أنْ تسْأَل الناسَ؟ قَالَ: معي من لُطفِ المسألةِ مَالا تطيبُ نَفسِي بترْكه. وَكَانَ أشعبُ يحدِّث عَنْ عبد الله بن عُمر، فيقولُ: حدَّثني عبد الله، وَكَانَ يُبغضُني فِي الله. وَجلسَ يَوْمًا فِي الشتَاء إِلَى رجل من وَلدِ عُقبة بن أبي مُعَيْطٍ، فمرَّ بِهِ حسنُ بن حسن، فَقَالَ: مَا يُقعِدُك إِلَى جَنْب هَذَا؟ قَالَ: أصْطلي بناره. وَلما مَاتَ ابنُ عائشةَ الْمُغنِي جعل أشْعبُ يبكي، وَيَقُول: قلتُ لكم زوجوا ابْن عَائِشَة من الشماسيةِ حَتَّى يخرجَ بَينهمَا مَزَامِير داودَ، فَلم تَفعلُوا وَكَانَ لَا يُغني حذرٌ مِنْ قَدَر: وَلما أخرجت جنازةُ الصريميةِ المغنّيةِ كَانَ أشعبُ جَالِسا فِي نفر من قُريش، فَبكى عَلَيْهَا، وَقَالَ: اليومَ ذهبَ الغِناءُ كلهُّ. وترحَّمَ عَلَيْهَا، ثُم مَسحَ عيْنَيهِ، والتفتَ إلهيمْ، وَقَالَ: وعَلى ذلكَ فقد كانتْ الزانِيةُ شرَّ خلْق الله فضحكوا، وَقَالُوا: يَا أشعبُ، لَيْسَ بَين بُكائِكَ عليْها، وَبَين لغْنِك إِيَّاهَا فرقٌ. قَالَ: نعم كُنَّا نحبوها الفاجرَة بكَبْش إِذا أردْنَا أَن نزورَها فتطبخ لنا فِي دارها ثمَّ لَا تُعشينا - يشْهد الله - إِلَّا بسلق. وَجَاز بِهِ يَوْمًا سبطٌ لِابْنِ سُريج وَهُوَ جَالس فِي فتية من قُرَيْش، فَوَثَبَ إِلَيْهِ، وَحمله على كتفه، وجعلَ يُرقْصُه ويقولُ: فُديتَ من ولَد عَليّ عُودٍ، واستهل بغناء، وحُنِّك. بحلْوى، وَقطعت سرتُه بزير وخُتِنَ بمِضْراب.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute