على منهاج صَاحبه ثمَّ قَامَ من بعده عمر بن الْخطاب فمصر الْأَمْصَار، وخلط الشدَّة باللين، فحسر عَن ذِرَاعَيْهِ، وشمر عَن سَاقيه وَأعد للأمور أقرانها، وللحرب آلتها، فَلَمَّا أَصَابَهُ قن الْمُغيرَة اسْتهلّ بِحَمْد الله أَلا يكون أَصَابَهُ ذُو حق فِي الْفَيْء فيستحل دَمه بِمَا اسْتحق من حَقه، فقد كَانَ أصَاب من مَال الله مائَة وَثَمَانِينَ ألفا فَكسر بهَا رباعه، وَكره بهَا كَفَالَة أَوْلَاده، فأوى ذَلِك إِلَى خَليفَة من بعده، وَفَارق الدُّنْيَا تقياً نقياً على منهاج صَاحِبيهِ، ثمَّ إِنَّا وَالله مَا اجْتَمَعنَا بعدهمَا إِلَّا على ظلع، ثمَّ إِنَّك يَا عمر ابْن الدُّنْيَا وَلدتك مُلُوكهَا، وألقمتك ثديها، فَلَمَّا وليتها ألقيتها حَيْثُ أَلْقَاهَا الله، فَالْحَمْد لله الَّذِي جلا بك حوبتنا، وكشف بك كربتنا، امْضِ وَلَا تلْتَفت، فَإِنَّهُ لَا يعز على الْحق شَيْء، أَقُول قولي هَذَا واستغفر الله لي وَلكم وَلِلْمُؤْمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات، وَلما أَن قَالَ: ثمَّ إِنَّا وَالله مَا اجْتَمَعنَا بعدهمَا إِلَّا على ظلع سكت النَّاس إِلَّا هشاما فَإِنَّهُ قَالَ: كذبت. قَالَ الْأَصْمَعِي: كَانَ حبيب الرّوم يَقُول فِي قصصه: اتَّقوا لقية من خنع فقنع، واقترف فاعترف، ووجل فَعمل، وحاذر فبادر، أَفَادَ ذخيرة، وأطاب سريرة، وَقدم مهاداً وَاسْتظْهر ذاداً. لما وصل عبد الْعَزِيز بن زُرَارَة إِلَى مُعَاوِيَة قَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ: لم أزل اسْتدلَّ بِالْمَعْرُوفِ عَلَيْك، امتطي النَّهَار عَلَيْك، فَإِذا الوى بِي اللَّيْل فَقبض الْبَصَر وَعفى الْأَثر وَالِاجْتِهَاد يعْذر وَإِذا بلغتك فقطني. قَالَ أَعْرَابِي خرجت حِين انحدرت أَيدي النُّجُوم، وشالت أرجلها فَمَا زلت أصدع اللَّيْل، حَتَّى انصدع الْفجْر. سُئِلَ أَعْرَابِي عَن زَوجته - وَكَانَ حَدِيث عهد بعرس - كَيفَ رَأَيْت أهلك؟ فَقَالَ: أفنان أثلة، وجنى نَخْلَة، وَمَسّ رَملَة، وَرطب نَخْلَة، وَكَأَنِّي كل يَوْم آئب من غيبَة. وصف آخر مرح فرس فَقَالَ: كَأَنَّهُ شَيْطَان فِي أشطان. وَقيل لآخر: كَيفَ عَدو فرسك؟ قَالَ: يعدو مَا وجد أَرضًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute