قَالَ أبرويز لِابْنِهِ شيرويه: لَا توسعن على جندك فيستغنوا عَنْك، وَلَا تضيقنّ عَلَيْهِم فِي الْعَطاء فيضجوا مِنْك، أعطهم عَطاء قصدا، وامنعهم منعا جميلاً، ووسع عَلَيْهِم فِي الرَّجَاء، وَلَا توسع عَلَيْهِم فِي الْعَطاء. قَالَ بزرجمهر: الإخوان كالسلاح فَمنهمْ كالرمح تطعن بِهِ من بعيد، وَمِنْهُم كالسهم الَّذِي ترمي بِهِ وَلَا يعود إِلَيْك، وَمِنْهُم كالسيف الَّذِي لَا يفارقك. قَالَ كسْرَى: لَا تظهر إِنْكَار مَالا عدَّة مَعَك أَن تَدْفَعهُ. وَقَالَ لبزرجمهر: مَا بَال معاداة الصّديق أقرب مأخذاً من مصادقة الْعَدو؟ فَقَالَ: لِأَن إِنْفَاق المَال أَهْون من كَسبه، وَهدم الْبناء أَهْون من رَفعه، وَكسر الْإِنَاء أَهْون من إِصْلَاحه. وَقَالَ بزرجمهر: يسْتَحبّ من الخريف الخصب، وَمن الرّبيع الزهر، وَمن الْجَارِيَة الملاحة، وَمن الْغُلَام الْكيس، وَمن الْغَرِيب الانقباض. قيل لكسرى: أَي النَّاس أحب إِلَيْك أَن يكون عَاقِلا؟ قَالَ: عدوي، قيل: وَكَيف ذَلِك؟ قَالَ: لِأَنَّهُ إِذا كَانَ عَاقِلا فَأَنا مِنْهُ فِي عَافِيَة. سُئِلَ بزرجمهر فِي نكبته عَن حَاله، فَقَالَ: عولت على أَرْبَعَة أَشْيَاء قد هونت على مَا أَنا فِيهِ: أَولهَا، أَنِّي قلت: الْقَضَاء وَالْقدر لَا بُد من جريانهما. وَالثَّانِي، أَنِّي قلت: إِن لم أَصْبِر فَمَا أصنع؟ وَالثَّالِث، أَنِّي قلت: قد كَانَ يجوز أَن يكون أَشد من هَذَا، وَالرَّابِع، قلت: لَعَلَّ الْفرج قريب وَأَنت لَا تَدْرِي. قَالَ أنوشروان: جَمِيع أَمر الدُّنْيَا منقسم إِلَى ضَرْبَيْنِ لَا ثَالِث لَهما، وَاحِد فِي دَفعه حِيلَة فالاصطبار دواؤه، وَالْآخر لَا حِيلَة فِي دَفعه فالاضطرار شفاؤه. وَكَانَ إِذا ولى رجلا وقّع فِي كِتَابه: " سس خِيَار النَّاس بالمحبة، وامزج للعامة الرَّغْبَة بالرهبة، وسس سفلَة النَّاس بالإخافة ". وَسمع الموبذ فِي مَجْلِسه ضحك الخدم فَقَالَ: أما يمْنَع جلالة الْملك وهيبته هَؤُلَاءِ الغلمان من الضحك؟ فَقَالَ أنوشروان: إِنَّمَا يهابنا أعداؤنا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute