وَاحِد أحباء وأخداناً وَأهلا، ثمَّ يدْخل كل وَاحِد مِنْهُمَا وغر على أحباء صَاحبه، ثمَّ تنساق الْأُمُور إِلَى إهلاك أَحدهمَا لما لَا بُد لَهُ من الفناء، فتفضي الْأُمُور إِلَى الآخر وَهُوَ حنق على جيل من النَّاس يرى أَنه موتور إِن لم يحرمّهم ويضعهم وَينزل بهم الَّتِي كَانُوا يريدونها بِهِ، لَو ولوّا، فَإِذا وضع بعض الرّعية وأسخط بَعْضًا على هَذِه الْجِهَة تولّد من ذَلِك ضغن وَسخط من الرّعية، ثمَّ ترامى ذَلِك إِلَى بعض مَا أحذر عَلَيْكُم بعدِي. وَلَكِن لينْظر الْوَالِي مِنْكُم لله تَعَالَى ثمَّ للرعية ثمَّ لنَفسِهِ، ثمَّ لينتخب وليا للْعهد من بعده، ثك يكْتب اسْمه فِي أَربع صَحَائِف فيختمها بِخَاتمِهِ فَيَضَعهَا عِنْد أربعو نفر من خِيَار أهل المملكة، ثمَّ لَا يكون مِنْهُم فِي سر وَلَا عَلَانيَة أَمر يسْتَدلّ بِهِ على وليّ ذَلِك الْعَهْد، لَا فِي إدناء وتقريب يعرف بِهِ، وَلَا فِي إقصاء وتنكب يستراب لَهُ، وليتق ذَلِك فِي اللحظة والكلمة، فَإِذا هلك جُمعت تِلْكَ الْكتب الَّتِي عِنْد الرَّهْط الْأَرْبَعَة إِلَى النُّسْخَة الَّتِي عِنْد الْملك، ففضضن جَمِيعًا ثمَّ نوّه بِالَّذِي وضح اسْمه فِي جَمِيعهنَّ. يلقى الْملك، إِذا لقِيه، بحداثة عَهده بِحَال السوقة، فيلبس ذَلِك الْملك، إِذا لبسه، على بصر السوقة وسمعها ورأيها - أُذُنه -، فَإِن فِي سكر السُّلْطَان الَّذِي يَنَالهُ مَا يُكتفى بِهِ لَهُ من سكر ولَايَة الْعَهْد مَعَ سكر الْملك، فيصم ويعمى قبل لِقَاء الْملك كصم الْمُلُوك وعماهم، ثمَّ يلقى الْملك فيزيده صمًّا وعمى مَعَ مَا يلقى فِي ولَايَة الْعَهْد من بطر السُّلْطَان وحيلة العتاة وبغي الْكَذَّابين وترقية النمامين، وتحميل الوشاة بَينه وَبَين من فَوْقه. ثمَّ اعلموا أَنه لَيْسَ للْملك أَن يكذب؛ لِأَنَّهُ لَا يقدر أحد على استكراهه. وَلَيْسَ لَهُ أَن يلْعَب وَلَا يعبث، لِأَن الْعَبَث واللعب من عمل الْفَرَاغ، وَلَيْسَ لَهُ أَن يفرغ، لِأَن الْفَرَاغ من عمل السوقة، وَلَيْسَ لَهُ أَن يحْسد؛ لِأَن الْحَسَد لَا يجب أَن يكون إِلَّا على مُلُوك الْأُمَم على حسن التَّدْبِير، وَلَيْسَ لَهُ أَن يخَاف، لِأَن الْخَوْف من المعوز. وَلَيْسَ لَهُ أَن يتسلط إِن هُوَ أعوز. وَاعْلَمُوا أَن زين الْملك فِي استقامة الْحَال أَلا تخْتَلف مِنْهُ سَاعَات الْعَمَل والمباشرة وساعات الْفَرَاغ والدعة وساعات الرّكُوب والنزهة، فَإِن اختلافها مِنْهُ خفَّة، وَلَيْسَ للْملك أَن يخف.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute