للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يرْوى أَن عمر بن عبد الْعَزِيز كَانَ يدْخل عَلَيْهِ سَالم مولى بني مَخْزُوم، وَقَالُوا: بل زِيَاد، وَكَانَ عمر أَرَادَ شِرَاءَهُ وعتقه، فَأعْتقهُ موَالِيه، وَكَانَ عمر يُسَمِّيه أخي فِي الله، فَكَانَ إِذا دخل وَعمر فِي صدر بَيته تنحى عَن الْقبْلَة، فَيُقَال لَهُ فِي ذَلِك، فَيَقُول: إِذا دخل عَلَيْك من لَا يهولك فَلَا تَأْخُذ عَلَيْهِ شرف الْمجْلس. وهمّ السراج لَيْلَة أَن يخمد، فَوَثَبَ رَجَاء بن حَيْوَة ليصلحه، فأقسم عَلَيْهِ عمر فَجَلَسَ، ثمَّ قَامَ عمر فأصلحه، فَقَالَ لَهُ رَجَاء بن حَيْوَة: أتقوم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ! قَالَ: قُمْت وَأَنا عمر، وتعللت وَأَنا عمر. وَقَالَ: قيدوا النعم بالشكر، وقيدوا الْعلم بِالْكتاب. وَقَالَ لمؤديه: كَيفَ كَانَت طَاعَتي إياك وَأَنت تؤدبني؟ فَقَالَ: أحسن طَاعَة. قَالَ: فأطعني الْآن كَمَا كنت أطيعك إِذْ ذَاك، خُذ من شاربك حَتَّى تبدو شفتاك وَمن ثَوْبك حَتَّى يَبْدُو عقباك. ويروى أَن عمر خرج يَوْمًا فَقَالَ: الْوَلِيد بِالشَّام، وَالْحجاج بالعراق، وقرة بن شريك بِمصْر، وَعُثْمَان بن حَيَّان بالحجاز، وَمُحَمّد بن يُوسُف بِالْيمن. امْتَلَأت الأَرْض وَالله جوراً. وَقَالَ عبد الْملك ابْنه لَهُ يَوْمًا: يَا أَبَت إِنَّك تنام نوم القائلة، وَذُو الْحَاجة على بابك غير نَائِم. فَقَالَ: يَا بني إِن نَفسِي مطيتي، وَإِن حملت عَلَيْهَا فِي التَّعَب خسرتها. وَذكر عمر زياداً، فَقَالَ: قَاتل الله زياداً. جمع لَهُم كَمَا تجمع الذّرة، وحاطهم كَمَا تحوط الْأُم الْبرة، واصلح الْعرَاق بِأَهْل الْعرَاق، وَترك أهل الشَّام فِي شامهم، وجبى من الْعرَاق مائَة ألف ألف، وَثَمَانِية عشر ألف ألف دِرْهَم.

<<  <  ج: ص:  >  >>