للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخطب فَقَالَ: أَيهَا النَّاس؛ لَا تَسْتَكْثِرُوا شَيْئا من الْخَيْر أتيتموه، وَلَا تستقلوا شَيْئا مِنْهُ أَن تفعلوه، وَلَا تستصغروا الذُّنُوب، والتمسوا تمحيص مَا سلف من ذنوبكم بِالتَّوْبَةِ، وَالْعَمَل الصَّالح فِيمَا غبر من آجالكم، فَإِن الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات. وَقد ذكر الله عز وَجل قوما، فَقَالَ: " وَالَّذين إِذا فعلوا فَاحِشَة أَو ظلمُوا أنفسهم ذكرُوا الله فاستغفروا لذنوبهم وَمن يغْفر الذُّنُوب إِلَّا الله وَلم يصروا على مَا فعلوا وهم يعلمُونَ " وَإِيَّاكُم والإصرار على الذُّنُوب؛ فَإِن الله ذكر قوما بِذُنُوبِهِمْ فَقَالَ: " كلا بل ران على قُلُوبهم مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ. كلا إِنَّهُم عَن رَبهم يَوْمئِذٍ لمحجوبون. ثمَّ إِنَّهُم لصالوا الْجَحِيم. ثمَّ يُقَال هَذَا الَّذِي كُنْتُم بِهِ تكذبون " نَار لَا تطفأ، وَنَفس لَا تَمُوت، فَهِيَ كَمَا وصف الله عز وَجل: " كلما أَرَادوا أَن يخرجُوا مِنْهَا أعيدوا فِيهَا ". و " كلما نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيرهَا ليذوقوا الْعَذَاب " فَهَل لأحد بِهَذَا طَاقَة؟ من اسْتَطَاعَ مِنْكُم أَلا يَحْجُبهُ الله فَلْيفْعَل. وخطب فَقَالَ: أما بعد؛ فَإنَّك نَاشِئ فتْنَة، وقائد ضَلَالَة قد طَال جثومها، واشتدت غمومها، وتلونت مصايد عَدو الله فِيهَا، وَمَا نصب لأهل الْغَفْلَة من الشّرك عَمَّا فِي عواقبها، فَلَنْ يهد عمودها، وَلنْ ينْزع أوتادها إِلَّا الَّذِي بِيَدِهِ ملك الْأَشْيَاء، وَهُوَ الرَّحْمَن الرَّحِيم. أَلا وَإِن لله بقايا من عباده، لم يتحيروا فِي ظلمتها، وَلم يشايعوا أَهلهَا على شبهها، مصابيح النُّور فِي قُلُوبهم تزهر، وألسنتهم بحجج الْكتاب تنطق، ركبُوا نهج السَّبِيل، وَقَامُوا على اللقم الْأَكْبَر الْأَعْظَم. وهم خصماء الشَّيْطَان الرَّجِيم. وبهم يصلح الله الْبِلَاد، وَيدْفَع عَن الْعباد، فطوبى لَهُم وللمستصبحين بنورهم، أسأَل الله أَن يجعلنا مِنْهُم. وخطب فَقَالَ: مَا أنعم الله على عبد نعْمَة، فانتزعها مِنْهُ فغاضه من ذَلِك الصَّبْر، إِلَّا كَانَ مَا عاضه الله من ذَلِك أفضل مِمَّا انتزعه مِنْهُ، ثمَّ قَرَأَ: " إِنَّمَا يُوفى الصَّابِرُونَ أجرهم بِغَيْر حِسَاب ". وَمر بِرَجُل يسبح بالحصى، فَقَالَ لَهُ: ألق الْحَصَى، وأخلص الدُّعَاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>