للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكتب إِلَى الْجراح بن عبد الله الْحكمِي: إِن اسْتَطَعْت أَن تدع مِمَّا أحل الله لَك مَا يكون حاجزاً بَيْنك وَبَين مَا حرم الله عَلَيْك فافعل، فَإِنَّهُ من استوعب الْحَلَال كُله تاقت نَفسه إِلَى الْحَرَام. وَسمع وَقع الصَّوَاعِق، ودوي الرّيح، وَصَوت الْمَطَر، وَرَأى فزع النَّاس، فَقَالَ: هَذِه رَحمته، فَكيف نقمته؟ . وَقَالَ لَهُ خَالِد بن عبد الله الْقَسرِي: من كَانَت الْخلَافَة زينته فقد زينتها. وَمن كَانَت شرفته فقد شرفتها، فَأَنت كَمَا قَالَ الشَّاعِر: وَإِذا الدّرّ زَان حسن وُجُوه ... كَانَ للدر حسن وَجهك زينا فَقَالَ عمر: إِن صَاحبكُم أعْطى مقولاً وَحرم معقولاً. وَقَالَ: مَا قرن شَيْء إِلَى شَيْء أفضل من حلم إِلَى علم، وَمن عَفْو إِلَى قدرَة، وَقَالَ رهم مولى عمر بن عبد الْعَزِيز: ولاني عمر ثمَّ قَالَ: يَا رهم إِذا دعتك نَفسك إِلَى ظلم من هُوَ دُونك فاذكر قدرَة الله عز وَجل عَلَيْك، وانتقامه مِنْك، وفناء مَا يكون مِنْك إِلَيْهِ عَنهُ، وَبَقَاء مَا يكون مِنْك إِلَيْهِ عَلَيْك. أَتَى عمر منزله فَقَالَ: هَل من طَعَام؟ فَأصَاب تَمرا وَشرب مَاء، فَقَالَ: من أدخلهُ بَطْنه النَّار؛ فَأَبْعَده الله. وَقَالَ: أحسن الظَّن بأخيك حَتَّى يَغْلِبك. وَقَالَ: الْقُلُوب أوعية السرائر، والشفاه أقفالها، والألسن مفاتيحها، فَلْيحْفَظ كل امْرِئ مِنْكُم مِفْتَاح سره. وَقَالَ لِابْنِهِ: بت على بَيَان من أَمرك، وَليكن لَك مطوي من سرك. وَدخل عَلَيْهِ مسلمة بن عبد الْملك فِي مَرضه الَّذِي توفّي فِيهِ فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، أفقرت أَفْوَاه ولدك من هَذَا المَال، وتركتهم عَالَة لَا أحد لَهُم وَلَا مَال لَهُم، فَلَو أَنَّك أوصيت بهم إليّ أَو إِلَى أشباهي من قَوْمك مِمَّن يَكْفِيك مئونتهم. فَقَالَ: أقعدوني، ثمَّ قَالَ: يَا مُسلم؛ أما مَا ذكرت من إيصائي بولدي إِلَيْك أَو إِلَى أشباهك من قومِي ليكفوني مئونتهم، فَإِن وصيي فيهم ووليي الله

<<  <  ج: ص:  >  >>