للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَآفَة الجلدِ الكسل، وآفةُ الرزانة الْكبر، وآفةُ الصمتِ العيّ، وَآفَة اللبّ الْعجب، وَآفَة الظَّرف الصلف، وَآفَة الحياءِ الضَّعف. وَقَالَ: لَا جَدَّ إِلَّا مَا أقعص عَنْك مَا تكره. وَقَالَ: لَا تعدنَّ شَيْئا، وحسبك جوداً أَن تُعْطِيَ إِذا سُئِلْتَ. وَقَالَ لِابْنِهِ يزِيد: مَا الْمُرُوءَة؟ فَقَالَ: إِذا ابتليتَ صبرتَ، وَإِذا أعطيتَ شكرتَ، وَإِذا وعدتَ أنجزْتَ. قَالَ: أنتَ منِّي، وَأَنا مِنْك يَا يزِيد. وَقَالَ مُعَاوِيَة: الْمُرُوءَة مؤاخاةُ الْأَكفاء، ومداجاةُ الْأَعْدَاء. وَقَالَ: مَا وجدتُ لذةَ شيءٍ ألذَّ عِنْدِي غباًّ من غيظٍ أتجرعُهُ، وَمن سفهٍ بالحلمِ أقمعُهُ. وَقَالَ لَهُ رجل: مَا أشبه أستك بأستِ أمك فَقَالَ: ذَاك الَّذِي كَانَ يُعْجِبُ أَبَا سُفْيَان مِنْهَا. وَأَغْلظ لَهُ الرجل فاحتمله، وأفرط عَلَيْهِ فحلم عَنهُ، فَقيل لَهُ فِي ذَلِك. فَقَالَ: لَا نَحولُ بَين الناسِ وألسنتِهم مَا لم يحولوا بَيْننَا وَبَين ملكِنا. وَقَالَ لِابْنِهِ: يابني، اتَّخِذ الْمَعْرُوف عندَ ذَوي الأحسابِ تستمِل بِهِ قُلُوبهم، وتعظم بِهِ فِي أعينِهم، وتكفَّ بِهِ عَنْك عاديتهم. وَقَالَ: عَلَيْك بصديقك الأولِ، فَإنَّك تلقاهُ على عهْدٍ واحدٍ، تقدَّم الْعَهْد أَو شطَّتِ الدَّار. وإيَّاك وكلَّ مستَحدثٍ، فَإِنَّهُ يستَأْكِلُ كلَّ قوم، وَيسْعَى مَعَ كل ريح. ودعا يَوْمًا بصبيٍّ لَهُ، فقبَّله، وضمّهُ إليهِ، وَقَالَ: من سرَّه الدَّهْر أَن يرى كبدهُ تمشي على وَجه الأَرْض فلْيَرَ وَلَده. رُوي: أَنه فُلَّت سَرِيَّة لمعاوية، وَكَاد ينالُها الاصطلام، فَوَجَمَ واغتمَّ غماَّ شديداَ. فَقيل لَهُ فِي ذَلِك. فقالك مَا اغْتمامي للسرية فَقَط، وَلَكِن اغتمامي أَن يكون حدث بالحرمين حدثٌ، فَكَانَ هَذَا لذاك، فَكتب، وَنظر، فَإِذا مولى لخَالِد بن أُسيدٍ قد عدا بسيفٍ فِي الحرمِ مشهورٍ، فكتبَ، فَقطعت يَده.

<<  <  ج: ص:  >  >>