للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: وَقع ميراثٌ بَين ناسٍ من آل أبي سُفْيَان، فتشاحوا فِيهِ، وتضايقوا فَلَمَّا قَامُوا أقبل عَمْرو بن عتبَة على وَلَده، فَقَالَ: إِن لقريشٍ درجا تزل عَنْهَا أَقْدَام الرِّجَال، وتخشع لَهَا رِقَاب الْأَمْوَال، وألسناً تكل عَنْهَا الشفار المشحوذة، وغاياتٍ تقصر عَنْهَا الْجِيَاد المنسوبة فَلَو كَانَت الدُّنْيَا لَهُم لضاقت عَن سَعَة أَخْلَاقهم، وَلَو احتفلت الدُّنْيَا مَا تزينت إِلَّا بهم. ثمَّ إِن أُنَاسًا مِنْهُم تخلقوا بأخلاق الْعَوام، فَصَارَ لَهُم رفقٌ باللؤم، وخرق فِي الْحِرْص، فَلَو أمكنهم قاسموا الطير أرزاقها، إِن خَافُوا مَكْرُوها تعجلوا لَهُ الْغم، وَإِن عجلت لَهُم نعْمَة أخروا عَلَيْهَا الشُّكْر، أُولَئِكَ أنضاء فكر الْعَجز، وعجزة حمل الشُّكْر. قَالَ: وَقطع عبد الْملك أَشْيَاء كَانَ يجريها عَلَيْهِم لتباعدٍ كَانَ بَينه وَبَين خَالِد بن يزِيد بن مُعَاوِيَة؛ فَدخل عَلَيْهِ عَمْرو بن عتبَة؛ فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ؛ أَدَاء حَقك مُتْعب، ونقصيه فادح، وَلنَا مَعَ حَقك حقٌ عَلَيْك؛ لقرابتنا مِنْك، وإكرام سلفنا لَك، فَانْظُر لنا بِالْعينِ الَّتِي نظرُوا بهَا إِلَيْك، وَضعنَا بِحَيْثُ وضعتنا الرَّحِم مِنْك، وزدنا بِقدر مَا زادك الله. فَقَالَ عبد الْملك: أفعل. وَإِنَّمَا يسْتَحق عطيتي من استعطاها، فَأَما من ظن أَنه يَسْتَغْنِي بِنَفسِهِ فسنكله إِلَى ذَلِك. فَبلغ ذَلِك خَالِد بن يزِيد، فَقَالَ: أبالحرمان يتهددني؟ وَيَد الله فَوْقه مانعةٌ، وعطاؤه دونه مبذول. فَأَما عَمْرو بن عتبَة فقد أعْطى من نَفسه أَكثر مِمَّا أَخذ. وَكَانَ عبد الْملك قد أقطع عمرا نَهرا بِالْبَصْرَةِ يُقَال لَهُ: هوادر. خطب سعيد بن الْعَاصِ أم كُلْثُوم بنت عَليّ - عَلَيْهِ السَّلَام - وَبعث مائَة ألف دِرْهَم، فشاورت الْحسن فِي ذَلِك، فَقَالَ: أَنا أزَوجك. واتعدوا، وَلم يحضر الْحُسَيْن. فَقَالَ سعيد: أَيْن أَبُو عبد الله؟ فَقَالَ الْحسن: لم يحضر، وَأَنا أكفيك. فَقَالَ: وَلَعَلَّه كره شَيْئا مِمَّا نَحن فِيهِ. قَالُوا: نعم. فَقَالَ سعيد: لم أكن لأدخل فِي شَيْء كرهه أَبُو عبد الله؛ فَتَفَرَّقُوا عَن غير تَزْوِيج، وَردت المَال، فَلم يقبله سعيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>