للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَرَدْت مِنْهُ جَوَابا غير ذَلِك، فَقَالَ: غَدا نرفع الْمَصَاحِف، ونحاكمك إِلَيْهَا، فَخرجت، فَقَالَ عبد الله: قل بَيْننَا وَبَيْنك دم خَليفَة، وَوَصِيَّة خَليفَة، واجتماع اثْنَيْنِ وانفراد وَاحِد، وَأم مبرورةٌ فَعلمت أَنه ليسر مَعَ هَذَا الْكَلَام لينٌ. قَالَ الزبير بن بكار: فَقدمت الْعرَاق فَرَأَيْت عمي مصعباً ترك هَذَا الحَدِيث، فَقلت لَهُ: لم تركته؟ قَالَ: إِنِّي رَأَيْت الزبير فِي الْمَنَام يتَعَذَّر من أَمر الْجمل؛ فَقلت لَهُ: كَيفَ يتَعَذَّر من أَمر الْجمل وَأَنت الْقَائِل: علقتهم، إِنِّي خلقت عصبَة ... قَتَادَة تعلّقت بنشبه فَلَنْ أدعهم حَتَّى ألف بَينهم؟ فَقَالَ: لم أَقَله. حدث وهب مولى آل الزبير أَنه قَالَ: كنت مَعَ عبد الله بن الزبير بِمَكَّة فِي ولَايَته؛ فَكتب إِلَيْهِ رجل كتابا يعظه فِيهِ: أما بعد؛ فَإِن التَّقْوَى فِي أَهلهَا علاماتٍ يعْرفُونَ بهَا، ويعرفونها من أنفسهم؛ من صَبر على الْبلَاء وَرَضي بِالْقضَاءِ، وشكر للنعمة، وذل لحكم الْقُرْآن، وَإِنَّمَا الإِمَام كالسوق، يحمل إِلَيْهَا مَا زكا فِيهَا، فَمن كَانَ من أهل الْحق أَتَاهُ أهل الْحق بحقهم، وَمن كَانَ من أهل الْبَاطِل أَتَاهُ أهل الْبَاطِل بباطلهم؛ فَانْظُر أَي الْإِمَامَيْنِ أَنْت. وَالسَّلَام. قَالَ: فَكَانَ عبد الله يعجب من بلاغة هَذِه الرسَالَة وإيجازها، ويضعها تَحت فرَاشه، ويتعاهد قرَاءَتهَا. كَانَ لعبد الله بن عُرْوَة مولاةٌ يُقَال لَهَا: شهدة، فَفَزِعت لَيْلًا؛ فَسَمعَهَا نقُول: اللَّهُمَّ إِن أَحْسَنت فَأحْسن إِلَيّ، وَإِن أَسَأْت فأسئ إِلَيّ. فَقَالَ: أَي شهاد، عتق مَا يملك إِن لم يكن هَذَا أقل مَالك عِنْد رَبك. قَالَ عبد الله بن عُرْوَة بن الزبير: إِلَى الله أَشْكُو عيبي مَا لَا أدع، ونعتي مَا لَا آتِي، وَإِنَّمَا يبكي للدنيا بِالدّينِ. نَازع عبد الله بن الزبير أَخَاهُ عمرا، والأمير بِالْمَدِينَةِ سعيد ابْن الْعَاصِ، فاستعلى عبد الله فِي القَوْل؛ فَأقبل سعيدٌ على عَمْرو، فَقَالَ: إيهاً يَا بن أبي؛ فَأقبل عَلَيْهِ عبد الله، فَقَالَ: هيها يَا بن أبي أحيحة، فو الله لأَنا خيرٌ مِنْك،

<<  <  ج: ص:  >  >>