قَالَ يَوْمًا لجارية مغنية: أَنا أشتهي أَن أييكك. قَالَت: ذَاك يَوْم عماك. قَالَ: يَا ستي؛ فالساعة بِالنَّقْدِ فقد سبق الشَّرْط - يَعْنِي: الْعَمى. قَالَ: قلت لغلامي وَقد رَأَيْت فِي السُّوق مشجباً: اشْتَرِ لنا هَذَا المشجب. فَقَالَ: يَا سَيِّدي فَمَا تلبس إِذا ألقيت ثِيَابك على المشجب؟ . بَات أَبُو العيناء عِنْد ابْن مكرم، فَجعل ابْن مكرم يفسو عَلَيْهِ، فَقَامَ أَبُو العيناء وَصعد السرير، فارتفع إِلَيْهِ فساؤه، فَصَعدَ السَّطْح فبلغته رَائِحَته، فَقَالَ: يَا بن الفاعلة، مَا فساؤك إِلَّا دَعْوَة مظلوم. وَذكر أَبُو العيناء للْعَبَّاس بن رستم، فَقَالَ: لَيْسَ تهضمه معدتي، وتأدى ذَلِك إِلَى أبي العيناء؛ فَقَالَ: قل لَهُ: إِن كَانَ من تحب يجب أَن تهضمه معدتك فَيجب أَن تكون قد سحت أَبَاك وأمك مُنْذُ ثَلَاثِينَ سنة. وَكَانَ أَبُو العيناء فِي مجْلِس، وَإِلَى جنبه مغنٍّ باردٌ، فَأقبل على أبي العيناء وَقَالَ: يَا سَيِّدي كم بَيْننَا وَبَين الشتَاء؟ قَالَ: هَذِه المسورة. دَعَا أَبُو العيناء بعض أصدقائه، فَقَالَ: أتوضأ وأجيئك. فَقَالَ: أخْشَى أَلا ترجع إِن ذهبت تتوضأ. قَالَ: وَلم؟ قَالَ: لِأَنَّك كَمَا أَنْت وضوء. وَقَالَ لَهُ يَوْمًا ابْن مكرم: يَا أَبَا العيناء، كل شَيْء لَك من النَّاس حَتَّى أولادك. وَقَالَ أَبُو العيناء فِي ابْن مكرم: هُوَ إِذا غزا فمطية جنده، وَإِذا قفل فظعينة عَبده. أهْدى أَبُو عَليّ الْبَصِير إِلَى أبي العيناء كيرينجات، وَكتب عَلَيْهَا: " ادخلوها بسلامٍ آمِنين " فَردهَا وَكتب عَلَيْهَا: " فرددناه إِلَى أمه كي تقر عينهَا ". وَقَالَ لرجل: مَا بَال الأحمق يرْزق والأديب يحرم؟ فَقَالَ: إِن هَذِه الدُّنْيَا لدار اختبارٍ، فَأحب الرازق أَن يعلمهُمْ أَن الْأُمُور لَيست إِلَيْهِم. وَقَالَ أَبُو العيناء: غلات السوَاد كلهَا تبَاع بكف المودح فَهَلا اكْتفى من ذَلِك بنقر يسير.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute