للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقيل لَهُ: مَا تشْتَهي من الْفَاكِهَة الرّطبَة؟ . قَالَ: لحمٌ. قيل: فَمن الْيَابِسَة؟ قَالَ: قديدٌ، قيل: فَمن الشَّرَاب؟ . قَالَ: مرقة. قيل: فَمن السماع؟ . قَالَ: نشيش المقالي. قَالَ قوم لمَجْنُون بِالْبَصْرَةِ أديب: عظنا، وهم يهزءون بِهِ؛ فَقَالَ: هَذِه قصورهم، وَهَذِه قُبُورهم. فأبكاهم. قَالَ أَبُو العيناء: حضرت أَبَا دينارٍ وَأَبا لُقْمَان الممرورين يتناظران عِنْد ابْن أبي دواد؛ فَقَالَ أَبُو لُقْمَان لأبي دِينَار: من أفضل النَّاس بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ ، قَالَ ابْن دواد: أَبُو بكر الصّديق. فَقَالَ أَبُو لُقْمَان: أم الْكَاذِب زَانِيَة. قَالَ ابْن أبي دواد: هَذَا كَلَام قد انْتهى إِلَى آخِره. كَانَ بهلولٌ يجمع مَا يُوهب عِنْد مولاة لَهُ من كِنْدَة، وَكَانَت لَهُ كالأم، وَرُبمَا أُخْفِي عَنْهَا شَيْئا وَدَفنه، فجَاء يَوْمًا بِعشْرَة دَرَاهِم كَانَت مَعَه إِلَى خربة فدفنها فِيهَا، ولمحه رجلٌ، فَلَمَّا خرج بهلولٌ ذهب الرجل فَأخذ الدَّرَاهِم، وَعَاد بهْلُول فَلم يجدهَا. وَقد كَانَ رأى الرجل يَوْم دَفنهَا فَعلم أَنه صَاحبه، فجَاء إِلَيْهِ فَقَالَ: اعْلَم يَا أخي أَن لي دَرَاهِم مدفونة فِي مَوَاضِع كثيرةٍ مُتَفَرِّقَة، وَأُرِيد أَن أجمعها فِي موضعٍ دفنت فِيهِ هَذِه الْأَيَّام عشرَة دَرَاهِم؛ فَإِنَّهُ أحرز من كل مَوضِع، فَاحْسبْ بِاللَّه كم تبلغ جُمْلَتهَا. قَالَ: هَات. قَالَ: خُذ عشْرين درهما فِي مَوضِع كَذَا، وَخمسين فِي مَوضِع كَذَا، حَتَّى طرح عَلَيْهِ مِقْدَار ثلثمِائة دِرْهَم. ثمَّ قَامَ بَين يَدَيْهِ وَمر؛ فَقَالَ الرجل فِي نَفسه: الصَّوَاب أَن أرد الْعشْرَة إِلَى موضعهَا، حَتَّى يجمع إِلَيْهَا هَذِه الْجُمْلَة ثمَّ آخذها، فَردهَا. وَجَاء بهْلُول فَدخل الخربة، وَأخذ الْعشْرَة، وخرى مَكَانهَا، وغطاه بِالتُّرَابِ وَمر، وَكَانَ الرجل مترصداً لبهلول وَقت دُخُوله وَخُرُوجه؛ فَلَمَّا خرج مر بالعجلة، فكشف عَن الْموضع، وتلوثت يَده بالخرا، وَلم يجد شَيْئا، وفطن لحيلة بهْلُول عَلَيْهِ. ثمَّ إِن بهلولاً عَاد إِلَيْهِ بعد يَوْمَيْنِ فَقَالَ: احسب يَا سَيِّدي؛ عشْرين درهما، وَخَمْسَة عشر درهما، وَعشرَة دَرَاهِم، وشم يدك. فَوَثَبَ الرجل ليضربه، وَعدا بهْلُول. وَولى بعض بني هَاشم الْكُوفَة، فَلَمَّا صعد الْمِنْبَر قَالَ: الْحَمد لله، وَارْتجَّ عَلَيْهِ، فَجعل يُكَرر ذَلِك؛ فَقَالَ بهْلُول: الَّذِي ابتلانا بك.

<<  <  ج: ص:  >  >>