للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ: حَدثُونِي عَن هَذِه الدَّار هَل ضم مِنْهَا بعضٌ إِلَى بعضٍ أحدا؟ . قَالَ مسْعدَة: فَأَنا مُنْذُ سِتِّينَ سنة أفكر فِي كَلَامه، مَا أَدْرِي مَا عَنى بِهِ. كَانَت عَلامَة أبي الْحمار لما تقلد ديوَان الْخراج فِي سنة الْفِتْنَة، الَّتِي كَانَ يوقعها فِي الصكاك: لَا إِلَه إِلَّا الله. مَا أعجب مَا نَحن فِيهِ. فَكَانَ بعض الْكتاب بعد ذَلِك يَقُول: لَا وَالله، مَا نَحن إِلَّا فِي عَلامَة أبي الْحمار. حكى عَن حَمْزَة بن نصير - مَعَ جلالته عِنْد سُلْطَانه، وموضعه من ولائه -: أَنه دخل على امْرَأَته، وَعِنْدهَا ثوب وشى؛ فَقَالَت لَهُ: كَيفَ هَذَا الثَّوْب؟ . قَالَ: بكم اشْتَرَيْته؟ . قَالَت: بِأَلف دِرْهَم. قَالَ: قد - وَالله - وضعُوا فِي استك مثل ذَا، وَأَشَارَ بكفه مَقْبُوضَة مَعَ ساعده؛ فَقَالَت: لم أزن الثّمن بعد. قَالَ: فخاصهم بعد فِي يدك. قَالَت: فأختك قد اشترت شرا مِنْهُ بِأَلفَيْنِ. قَالَ: إِن أُخْتِي تضرط من استٍ وَاسِعَة. قَالَت: وَلَكِن أمك عرض عَلَيْهَا فَلم ترده. قَالَ: لِأَن تِلْكَ فِي استها شَعْرَة. قَالَ أَحْمد بن الطّيب: هَذَا كَلَام الخرس أحسن مِنْهُ. قَالَ أَبُو هفان: رَأَيْت شَيخا بِالْكُوفَةِ قَاعِدا على بَاب دَار، وَله زِيّ وهيئة وَفِي الدَّار صُرَاخ. فَقلت: يَا شيخ، مَا هَذَا الصُّرَاخ؟ ، فَقَالَ: هَذَا رجلٌ افتصد فَبلغ المبضع شادروانه فَمَاتَ. يُرِيد: بلغ المبضع شريانه. وصف بَعضهم امْرَأَة؛ فَقَالَ: عينهَا الْأُخْرَى أكبر من عينهَا الْأُخْرَى. كتب بعض من وزر بِالريِّ آنِفا كتابا فِي معنى أَبِيه إِلَى صديق لَهُ بِبَغْدَاد - وَكَانَ قد حج أَبوهُ -: هَذَا الْكتاب يوصله فلانٌ ابْن فلَان، وَهُوَ وَالِدي، وقديم الصُّحْبَة لي، وَاجِب الْحق عَليّ، ولي بأَمْره عناية. وَدخل أَبُو طَالب صَاحب الطَّعَام على هاشمية جَارِيَة حمدونة بنت الرشيد، على أَن يَشْتَرِي طَعَاما من طعامهم فِي بعض البيادر؛ فَقَالَ لَهَا: إِنِّي قد رَأَيْت متاعك. فَقَالَ هاشمية: قل طَعَامك. قَالَ: وَقد أدخلت فِيهِ يَدي فَإِذا متاعك قد خم وَحمى. وَقد صَار مثل الجيفة. قَالَت: يَا أَبَا طَالب، أَلَيْسَ قد قلبت الشّعير، فَأَعْطِنَا مَا شِئْت، وَإِن وجدته فَاسِدا.

<<  <  ج: ص:  >  >>