ذمهم؛ فيعد ذَلِك غلاً مِنْك فَإِنَّهُ إِذا رأى كَثْرَة إطرائك للنَّاس وذمهم ضرّ ذَلِك صديقك وَإِن كَانَ محقاً، وَأمن عَدوك كيدك وَإِن كَانَ معوراً. وَعَلَيْك بِالْقَصْدِ والتحرز؛ فَإِنَّهُ إِن يعرفك بِهِ كنت لعدوك أضرّ ولصديقك أَنْفَع. لاتتورد على السُّلْطَان بالدالة وَإِن كَانَ أَخَاك، وَلَا بِالْحجَّةِ وَإِن وثقت أَنَّهَا لَك، وَلَا بِالنَّصِيحَةِ وَإِن كَانَت لَهُ دُونك فَإِن السُّلْطَان تعرض لَهُ ثَلَاث: الْقُدْرَة دون الْكَرم، وَالْحمية دون النصفة، واللجاج دون الْحَظ. سُئِلَ بَعضهم: أَي شَيْء أرفع بِذكر الْمُلُوك؟ قَالَ: تدبيرهم أَمر الْبِلَاد بِعدْل، ومنعهم إِيَّاهَا بعز. قيل: فَمَا الَّذِي على الْمُلُوك لرعيتهم، وَمَا الَّذِي على الرّعية لملوكهم؟ قَالَ: على الْمُلُوك لرعيتهم ٤٤٠ مَا تأمن عَلَيْهِ أنفسهم ويرغد عَلَيْهِ عيشهم. وللملوك على رعيتهم الشُّكْر والنصيحة. اعْلَم أَن الْمُلُوك تحْتَاج إِلَى الْوَزير، وَأَشْجَع الرِّجَال يحْتَاج إِلَى السِّلَاح وأجود الْخَيل يحْتَاج إِلَى السَّوْط، وَأحد الشفار يحْتَاج إِلَى المسن. صَلَاح الدُّنْيَا بصلاح الْمُلُوك، وَصَلَاح الْمُلُوك بصلاح الوزراء، وَلَا يصلح الْملك إِلَّا لأَهله وَلَا تصلح الوزارة إِلَى لمستحقها. أفضل عدد الْمُلُوك صَلَاح الوزراء الكفاة؛ لِأَن فِي صَلَاحهمْ صَلَاح قُلُوب عوامهم لَهُم. خير الوزراء أَصْلحهم للرعية، وأصدقهم نِيَّة فِي النَّصِيحَة، وأشدهم ذباً عَن المملكة، وأشدهم بَصِيرَة فِي الطَّاعَة، وآخذهم لحقوق الرّعية من نَفسه وسلطانه. لَيْسَ شَيْء للملوك أولى بالفرح وَالسُّرُور بِهِ فِي ملكهَا من سيرة حَسَنَة يسيرونها، وَسنة صَالِحَة يجرونها، ووزير صَالح يؤيدون بِهِ. الْوَزير الْخَيْر لَا يرى أَن صَلَاحه فِي نَفسه كَائِن صلاحاً حَتَّى يتَّصل بصلاح الْملك ورعيته، وَتَكون عنايته فِيمَا عطف الْملك على عامته، وَفِيمَا استعطف قُلُوب الْعَامَّة على الطَّاعَة لملكه، وَفِيمَا قوم أَمر الْملك والمملكة من تَدْبيره، حَتَّى يجمع إِلَى أَخذ الْحق وتقديمه عُمُوم الْأَمْن والسلامة، وَيجمع إِلَى صَلَاح الْملك صَلَاح أَتْبَاعه. وَإِذا طرقت الْحَوَادِث، ودهمت المظائم، كَانَ للْملك عدَّة وعتاداً، وللرعية
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute