للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

{أخواتهن أَو نسائهن أَو مَا ملكت أيمانهن أَو التَّابِعين غير أولي الإربة من} فِيهِ وَجْهَان على مَا عرف فِي الْفِقْه، وَقد ورد عَن عَائِشَة مَا يدل على أَنه يكره النّظر إِلَى الْفرج، وَقيل: إِنَّه يُورث الْعَمى.

وَقَوله: {أَو نسائهن} . فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: أَن المُرَاد بِهن النِّسَاء المسلمات، فعلى هَذَا لَا يجوز للمسلمة أَن تبدي محاسنها عِنْد الْيَهُودِيَّة وَلَا النَّصْرَانِيَّة.

وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن قَوْله: {نسائهن} عَام فِي جَمِيع النِّسَاء، فَيجوز للْمَرْأَة أَن تنظر إِلَى الْمَرْأَة إِلَّا مَا بَين السُّرَّة إِلَى الرّكْبَة.

وَقَوله: {أَو مَا ملكت أيمانهن} . اخْتلف القَوْل فِي هَذَا، فَروِيَ عَن عَائِشَة وَأم سَلمَة أَنَّهُمَا قَالَت: المُرَاد مِنْهُ العبيد، فَيجوز للْعَبد أَن ينظر إِلَى مولاته مَا ينظر ذُو الرَّحِم المرحم من غير شَهْوَة، وَهَذَا إِذا كَانَ العَبْد عفيفا، وَالْقَوْل الثَّانِي قَول سعيد بن الْمسيب وَجَمَاعَة من التَّابِعين أَنهم قَالُوا: لَا يجوز للْعَبد أَن ينظر إِلَى مولاته إِلَّا مَا ينظر الْأَجْنَبِيّ إِلَى الْأَجْنَبِيّ، فعلى هَذَا تحمل الْآيَة على الْإِمَاء، وَالْقَوْل الأول أظهر فِي معنى الْآيَة، لِأَنَّهُ قد سبق قَوْله: {أَو نسائهن} فَدخل فِيهِ الْحَرَائِر وَالْإِمَاء، وَفِي الْآيَة قَول ثَالِث: وَهُوَ أَنه يجوز [أَن ينظر] العَبْد إِلَى مولاته مَا يظْهر عِنْد البذلة والمهنة، مثل الساعدين والقدمين والعنق وَلَا ينظر إِلَى مَا سوى ذَلِك، وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِك؛ لِأَنَّهُ يشق ستر هَذَا مَعَ العبيد، وَأما مَعَ الْأَجَانِب لَا يشق، وَعَن أم سَلمَة - رَضِي الله عَنْهَا - أَنَّهَا كاتبت عبدا لَهَا يُقَال لَهُ نَبهَان، فَكَانَت لَا تحتجب عَنهُ، ثمَّ قَالَت لَهُ يَوْمًا: يَا نَبهَان، مَا بَقِي من كتابتك، فَقَالَ ألفا دِرْهَم، فَقَالَت: أدها إِلَى مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي أُميَّة وَالسَّلَام عَلَيْك، وَأرْسلت حجابها.

وَقَوله: {أَو التَّابِعين غير أولي الإربة} اخْتلف القَوْل فِيهِ: قَالَ مُجَاهِد: هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>