والتحذير منه أَشد المبالغة، لئلا يفضي الأمر بهذه الأمة إلى اتخاذ قبور الأنبياء والصالحين أَوثانًا تعبد من دون الله. فروى الإمام مالك في الموطأ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((الهم لا تجعل قبري وثنًا يعبدُ، أَشْتدَّ غضبُ اللهِ على قومٍ اتَّخذوا قُبورَ أَنبيَائِهِمْ مَسَاجد)) .
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أَن أُم سلمة ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأَتها بأَرض الحبشة وما فيها من الصور فقال:((أَولئك إذا مَاتَ فيهم الرَّجُلُ الصالحُ أَوْ العبدُ الصالحُ بَنواْ عَلَى قبرهِ مسجدًا وصوروا فيه تلك الصورْ أَولئك شِرارُ الخلقِ عند اللهِ)) ولهما عن عائشة رضي الله عنها أَيضًا قالت: لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه، فاذا اغتتم بها كشفها، فقال وهو كذلك:((لعنةُ الله على الْيهود والنصارى اتَّخذوا قبورَ أَنبيائهمْ مساجدَ. يحذرُ مَا صنعوا، ولولا ذلكَ أُبرزَ قبره غير أَنه خُشيَ أَن يتخذَ مسجدا)) وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((لعنَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور والمتخذينَ عليها المساجدَ والسُّرج)) رواه أَهل السنن، وغير ذلك من الأحاديث الصحيحة الكثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تؤخذ منها العبرة العظيمة في مبالغته صلى الله عليه وسلم في النهي والتحذير من الوقوع في الغلو الذي وقعت فيه الأمم السابقة، كما قال صلى الله عليه وسلم:((لا تُطْرُونيْ كما أَطرتِ النصارى ابنَ مريم، إِنَّما أَنا عبدٌ فقولوا عبدُ اللهِ ورسوله)) (١) وكما قال أيضًا: ((إياكم والغلو فإنما أَهلك