للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله في كتابه " فنهى صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر" كما رواه مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه. و " الغرر" هو المجهول العاقبة، فإن بيعه من الميسر الذي هو القمار، وذلك أن العبد إذا أبق والفرس والبعير إذا شرد فإن صاحبه إذا باعه فإنما يبيعه مخاطرة فيشتريه المشتري بدون ثمنه بكثير، فإن حصل له قال البائع قمرتني وأخذت مالي بثمن قليل، وإن لم يحصل قال المشتري قمرتني وأخذ الثمن مني بلا عوض، فيفضي إلى مفسدة الميسر التي هي إيقاع العداوة والبغضاء، مع ما فيه من أكل المال بالباطل الذي هو نوع من الظلم، ففي بيع الغرر ظلم وعداوة وبغضاء، وما نهى عنه صلى الله عليه وسلم: من بيع حبل الحبلة، والملاقيح، والمضامين، ومن بيع السنين، وبيع الثمر قبل بدو صلاحه، وبيع الملامسة، والمنابذة، ونحو ذلك كله من نوع الغرر. انتهى كلامه.

كما أن هذا العقد يشبه الميسر الذي هو القمار، وقد قال تعالى: {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون} (١) ووجه الشبه في ذلك أنه يستلزم المقامرة إذا حصل حادث يأخذ بموجبه المستأمن جميع المال المشروط قبل استيفاء الأقساط المعينة، وإذا لم يحصل حادث وقع العكس.

فواقعه أن أحد الطرفين يدفع مالاً يسيراً لينال مالاً كثيراً دون أن يقوم أحد الجانبين بعمل للآخر، فعنصر المخاطرة موجود في هذا العقد بما يؤول بالضرر على أحد الجانبين. وقد قال صلى الله عليه وسلم "لا ضرر ولا ضرار" (٢) كما أنه يستلزم الربا إذا أخذ المستأمن


(١) سورة المائدة ـ آية ١١٧.
(٢) أخرجه أحمد وابن ماجه وغيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>