" الثاني ": مما يجاب به عن استدلال كاتب مقال الربا بعبارات من ذكرهم من العلماء أن ما توهمه من عباراتهم لا تدل عليه، كما لا تدل عليه نصوصهم الخاصة بالنفع المشترط في عقد القرض وبيان ذلك فيما يلي: ـ
أما قول " ابن رشد " وتفسير ذلك مقيس على الربا المحرم في القرآن. فإنما يريد به سلم الصنف، لا السلف الذي يجر نفعاً. وعبارته في " المقدمات ص ١٩٢ جـ٢"(فصل) : وإنما يجز سلم الصنف في مثله لورود السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم بتحريم ما جر من السلف نفعاً، وذلك على عمومه في العين والعروض والطعام فيمن أسلف سلفاً لمنفعة يبتغيها من زيادة الكيل (١) بلغه أن رجلاً أتى عبد الله بن عمر، فقال له: يا أبا عبد الرحمن: إني أسلفت رجلاً سلفاً واشترطت أفضل مما أسلفت: فقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: ذلك الربا. الحديث بطوله، وقال رضي الله عنه: من أسلف سلفاًُ فلا يشترط إلا قضاءه، وقال عبد الله بن مسعود: فلا يشترط أفضل منه وإن كان قبضة من علف فهو ربا. وبالله سبحانه التوفيق. ثم قال ابن رشد:
(فصل) : وتفسير ذلك مقيس على الربا المحرم بالقرآن ربا الجاهلية إما أن تقضي أو تربي، لأن تأخيره بالدين بعد حلوله على أن يربي له فيه سلف جر منفعة، وإنما يجوز في السلف أن يأخذ أفضل مما اسلفه إذا كان ذلك من غير شرط، كما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استلف من رجل بكراً فقضاه جملاً خياراً رباعياً
(١) كذا في المقدمات، ولعل الاصل (مالك بلغه) المصحح.