وقال:" إن خيار الناس أحسنهم قضاء"ومر ابن رشد في هذا البحث إلى أن ذكر نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن سلف جر منفعة.
ففي تصريحه مرتين بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن سلف جر منفعة. دليل على أنه لا يقصد بالعبارة التي ذكرها كاتب مقال الربا تحليل ربا القرض، ولا أن تحريمه إنما هو من طريق القياس فقط، وقد قال في بيوع الآجال من " المقدمات ص ٢٠٣، ٢٠٤ جـ٢": قد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سلف جر منفعة. أهـ.
وعلى تسليم أن مراد ابن رشد أن النفع المشترط في القرض مقيس على الربا المحرم في القرآن. فإن ابن رشد يرى وجوب الحكم بالقياس، وقد عقد لذلك في مقدماته (جـ١ ص١٩) فصلاً ذكر فيه أن التعبد به واجب في الشرع، وأنه أصل من أصول الشرع، واستدل لذلك: بالكتاب والسنة، والإجماع.
وأما " البغوي " و " الخازن " فدعوى إنكارهما كون نفع القرض المشترط في صلب العقد ربا لا تؤيدها عباراتاهما اللتان أشار إليهما كاتب مقال الربا، بل هما صريحتان في اعتبارهما ذلك ربا.
ونص " البغوي " بعد ذكر ربا الفضل وربا النسيئة: هذا في ربا المبايعة، ومن أقر شيئاً بشرط أن يرد عليه أفضل منه فهو قر جر منفعة، وكل قرض جر منفعة فهو ربا. ونص " الخازن " من أقرض شيئاً وشرط أن يرد عليه أفضل منه فهو قرض جر منفعة، وكل قرض جر منفعة فهو ربا، يدل عليه ما روى مالك، قال: بلغني أن رجلاً أتى ابن عمر، فقال، إني أسلفت رجلاً سلفاً واشترط عليه أفضل مما اسلفته، فقال عبد الله بن عمر: فذلك الربا. أخرجه