للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما إذا التقط اللقيط في دارنا وأدعاه كافر وجاء ببينة فشهدت أنه ولد على فراشه فيشترط في اتباعه له في دينه استمرار ابويه على الحياة والكفر إلى بلوغه: إذ لو مات أحد أبويه قبل بلوغه أو أسلم حكم بإسلامه، كما صرح بذلك في " شرح المنتهي " وغيره. وعليه فلا فرق بينهما.

وأما إذا التقط اللقيط مسلم مسافر في دار كفارلا مسلم فيها (١)

فالجواب: عموم كلام الأصحاب يدل على أنه كافر تبعا للدار، قال في " شرح المنتهى " وغيره: ويحكم بإسلام اللقيط إن وجد بدار إسلام فيه مسلم أو مسلمة يمكن كونه منه؛ لظاهر الدار، وتغليبا للاسلام فإنه يعلو ولا يعلي عليه، وإن وجد في بلد أهل حرب ولا مسلم فيه أو فيه مسلم كتاجر وأسير فاللقيط كافر؛ لأن الدار لهم وإن كان فهيا نحو تاجر وأسير تغليبا لحكم الأكثر، ولكون الدار لهم، وإن كان بلد الاسلام بلد كل أهلها ذمة وفيها مسلم يمكن كونه منه فاللقيط مسلم تغليبا للاسلام، وظاهر الدار. أما صاحب " المغني " فكلامه يدل على أنه إذا كان الملتقط مسلما فاللقيط مسلم؛ لان تبعية أبويه انقطعت، كما انقطعت بالسيء، وأما إذا التقط اللقيط مسلم وكافر؛ فإن كان اللقيط محكوما بكفره فهما سواء. وقيل: المسلم أحق؛ اختاره جمع منهم صاحب " المغني " والشرح " قال الحارثي: وهو الصحيح بلا تردد لأنه عند المسلم ينشأ على الاسلام ويتعلم شرائع الدين.

" السؤال الثالث " إذا ادعى رجل وامرأة بعد موت اللقيط أنه ولده أو قريبه وقلنا يلحقه نسبة فهل يرثه، أم نمنعه من الميراث إلا ببينة لمكان التهمة؟

الجواب: أننا إذا حكمنا بثبوت نسبة حكمنا بإرثه؛ لأن ثبوت النسب يستلزم الارث وغيره ولو كان متهما بذلك، قال في " العذب الفائض ": ويلحق الولد المنفي الأب النافي له إذا ما استحلقه وأكذب نفسه، حفظا للنسب، ويلحقه ولو بعد موت الولد، ويثبت نسب الولد منه، ويترتب عليه مقتضاه، ولو كان ذلك بعد القسمة، وبه قال الامام أحمد والشافعي رحمهما الله. ولافرق بين كون أحدهما غنيا أو فقيرا. فإن قيل: مستلحق الولد الميت إذا كان غنيا إنما يدعى مالا؟ قلنا: إنما يدعى النسب، والميراث تبع له؛ فإن قيل: فهو متهم في أن غرضه حصول الميراث؟ قلنا: النسب لايمنع التهمة


(١) هذا هو " السؤال الثاني "

<<  <  ج: ص:  >  >>