ومن هذا مايوجد له فاضل من الأوقاف كالدور والدكاكين التي ليس فيها إلا أضحية واحدة، والأجر عشرة آلاف، يشتري أضحية بما يمكن أن يشتر به الناظر بثلاثمأة، لمن الباقي؟
فعند الأصحاب أن هذا يرصد أبدا ولايتعرض له، خشية أن يخرب الوقف، ونحو هذا. وعند الشيخ أنه يتعين صرفه في الحال بشرط استغناء الوقف عنه.. ثم تعرف أنه يتعرض لها من التلف والاتلاف، لاسيما في هذه الأزمان التي خفت فيها الأمانة.
فاختيار الشيخ أقوى، وينبغي أن يكون العمل عليه إذا كان الوقف عامراً كل العمار. أما إذا كان متردداً بين الحاجة وعدمها فرصد بعض وصرف بعض جاز. أما إذا كان خاربا فلايدخل في كلام الشيخ أنه يصرف.
وأحد أقوال في ذلك أنه يكون مثل منقطع الآخر، فيصرف في أقرب ورثته نسبا، وهذا المفتي به كثيرا حتى في الوقت الحاضر، وهذا ليس بمتعين، تشبيها له بالمنقطع، والمنقطع فيه أقوال.
ولو حكم آخر لقوة نظره بخلاف ذلك فقال: للفقراء، أو كذا. ما أبعد، ولا يخرج عن حق، فان كثيرا يحسبون أنه شيء ضربة لازب، بل هو مصرف.
فمثلاً لو يحتاج لفواضل هذه الأوقاف في الجهاد أو بناية المساجد كان له وجه، ولاسيما إذا كانوا أغنياء وهي تغل زيادة على المعين فيها. قد يوقف بيت في أربع أضاحي فيؤجر بسبعين الف فهي تنفع في كذا وكذا.
ولو قيل ان الذي في أضحية جاء فيه عشرة آلاف فيجب مأتي أضحية. هذا قول، ولكن فيه مافيه، لاسيما والوقوف على الضحايا على الأموات ليس للسلف فيه كبير رغبة، ولم يؤثر عنهم شيء كثير فيه شهرة، أكثر ما يؤثر عنهم ماهو شيء يصلح دليلا. أما بالنسبة إلى هذه الكمية فليس مشروعاً. والفاضل كانت أشياء ضئيلة في وقت أهل الدعوة، أما الآن فكثيرة.
ولو فعل على هذا القول فالنفع موجود باللحوم، إلا أن الانتفاع بالنقود أتم.