امرأة من الأنصار، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: هل نظرت إليها فإن في عيون الأنصار شيئاً. قال قد نظرت إليها. قال: على كم تزوجتها؟ قال على أربع أوراق. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: على أربع أوراق؟ كأنما تنحتون الفضة من عرض (١) هذا الجبل! ما عندنا ما نعطيك ولكن عسى أن نبعثك في بعث تصيب منه. قال: فبعث بعثاً بعث ذلك الرجل فيهم) .
قال النووي في شرح صحيح مسلم: معنى هذا الكلام كراهة إكثار المهر بالنسبة إلى حال الزوج. واستدل النووي بهذا الحديث على أن استجاب كون الصداق خمسمائة درهم إنما هو في حق من يحتمل ذلك ولا يجحف به. وقال أبو المحاسن يوسف أبي موسى الحنفي في (المعتصر من المختصر من مشكل الآثار) : الحق أن الإنكار على من زاد على المقدار الذي يناسب حاله وحالها لأنه من الإسراف المذموم، لا عن مطلق الزيادة فإنها مباحة.
وقال القرطي: هو إنكار بالنسبة إلى هذا الرجل فإنه كان فقيراً في تلك الحالة، وأدخل نفسه في مشقة تعرض للسؤال بسببها، ولهذا قال (ما عندنا نعطيك) ثم إنه صلى الله عليه وسلم لكرم أخلاقه جبر إنكسار قلبه بقوله (ولكن عسى أن نبعثك في بعث -أي سرية للغزو- فتصيب منه. فبعثه) نقل هذا عن القرطبي صاحب (فتح الملهم) . قلت: ومن أحاديث الباب ما رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط والحاكم في المستدرك عن أبي حدرد الأسلمي (أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم ويستعينه في مهر امرأة، قال كم أمهرتها؟ قال: مائتي درهم. قال
(١) عرض بضم العين وإسكان الراء جانب، كما في شرح النووي.