للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدثاء عهد بعصر النبوة ولم يتمادوا فيه، ثم في خلافة أبي بكر الذي ليس بينه وبين النبوة شيء، ثم في صدر خلافة عمر يعرفون تحريم ذلك وأمثاله غالباً، فقد يوجد في زمن النبي من يجمعها كما يوجد فيه من يزني - ثم لما كان في أثناء خلافة عمر رأى من الناس ارتكاباً لهذا المحرم وعدم مبالاة به، فاجتهد ورأى الإلزام بالثلاث، وقال: إن الناس قد استعجلوا في أمر كان لهم فيه أناءة، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم بمشاورة الصحابة، وعد إجماعاً وليس بإجماع، بل جماهيرهم على هذا.

ثم إن الناس في هذا المقام "ثلاثة أقسام":

قسم وهو الأقل جداً قد يكونون يدعون بالأصابع يرون أنها واحدة، ووجهه كما عرفت من كون ذلك هو الأمر في حياة النبي وفي خلافة أبي بكر وصدراً من خلافة عمر، وهذا اختيار الشيخ وابن القيم في أصل المسألة. هذه "طائفة".

"الطائفة الثانية": ترى أنه ثلاث، وأنه سنة محضة.

"القول الثالث": أن ذلك ليس بأصل السنة وإنما هو من باب التعزير، وعمر لم يقل إنه سنة؛ بل قال: فلو أمضيناه عليهم، وهذا القول هو الذي تجتمع به الأدلة بين ما فعله الرسول وبين ما فعله عمر، فما فعله عمر هو من باب العقوبة، وسد باب التمادي في الطلاق البدعي المحرم، مثل ما رأى أن يزاد في حد الشرب لما كثر الانهماك فيه والتمادي ولم تزجرهم الأربعون، وشاور من شاور فجعله ثمانين، وهو الخليفة الراشد، ليس على خطأ وزلل، وهذا هو الذي عليه الفتوى، وهو الراجح في الدليل، وهو الذي عند الأئمة الأربعة وأهل العلم جميعاً أنه يقع ويحال بين المرأة وبين زوجها، إلا أفراداً إذا عدوا في جميع الطبقات ما يملؤون الأصابع وليسوا من المشاهير، وإمام الدعوة قدس الله روحه يقول: لا أعلم أني أفتيت بقول شيخ الإسلام إلا مرة واحدة، وإنما جميع فتواه بقول عمر، ومن المعلوم أنه من أئمة الهدى، وإيثاره السنة، وهو ممن يعظم الشيخين.

ثم نعرف أن في زماننا هذا التحليل قليل بمرة وقد كان في أزمان أدركنا بعضها يوجد وهو قليل في السنة والسنتين مرة، أما في أزماننا القريبة فيما سمعنا به منذ عشرات السنين، فيكون البقاء عليه مرجح لقول الجمهور.

<<  <  ج: ص:  >  >>