فقد وصل إلينا كتابك الذي تستفتي به عن بنت أخيك التي رضعت من زوجتك وعمرها ثمان سنين، ثم تزوجت بنت أخيك وجاءت ببنت، فلما كبرت ابنتها تزوجت برجل كان متزوجاً ببنتك وهي تحته الآن، وتسأل هل يحل له الجمع بينهما؟
والجواب: نعم يحل له الجمع بينهما لأن رضاع بنت أخيك من زوجتك وعمرها ثمان سنين لا يعتبر محرماً، ولا يثبت له حكم رضاع الصغير، فالرضاع الذي ينشر الحرمة هو ما كان في الحولين إذا كان خمس رضعات فأكثر، وأما رضاع الكبير الذي قد تجاوز الحولين فلا يؤثر ولا ينشر الحرمة، وهذا هو قول الجماهير من الصحابة والتابعين والفقهاء، وهو مذهب الإمام أحمد، وهو الصواب؛ لقول تعالى:{والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة}(١) . ولحديث عائشة رضي الله عنها:"أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها رجل قاعد، فسألها عنه فقالت: هو أخي من الرضاعة، فقال صلى الله عليه وسلم: "انظرن من إخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة" متفق عليه، وعن أم سلمة مرفوعاً، "لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء، وكان قبل الفطام" رواه الترمذي وصححه، وعن ابن عباس مرفوعاً: "لا يحرم من الرضاع إلا ما كان في الحولين" رواه ابن عدي وغيره.
وأما حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "جاءت سهلة بنت سهيل فقالت يا رسول الله أن سالماً مولى أبي حذيفة معنا في البيت، وقد بلغ ما يبلغ الرجال، فقال: أرضعيه تحرمي عليه" رواه مسلم، وفي سنن أبي داود "فأرضعته خمس رضعات فكان بمنزلة ولدها من الرضاعة" فهذا الحديث ذهبت إليه عائشة رضي الله عنها وقال بعض العلماء؛ إلا أن قول الجماهير الصواب، وقد أجابوا عن قصة سهلة بأنه خاص بها فلا يتعدى حكمه إلى