للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: منع المحامين بتاتاً من التدخل في المحاكم والدعاوي والاكتفاء بنفس المدعي والمدعى عليه.

ونفيدكم أن الشيخ المعصومي يعد من العلماء الذين عرفوا بنشاطهم وغيرتهم وعقيدتهم السلفية كما عرف بمؤلفاته الإسلامية النافعة، ولقد دفعته غيرته إلى أن يتقدم بمعروضه هذا اداءه لما في ذمته من النصيحة لله ورسوله ولأئمة المسلمين.

والذي أره فيما أبداه من المطالبة بالأمر الأول هو أن طلبه هذا إجمال يحتاج إلى تفصيل، لأن الحقوق تنقسم إلى قسمين:

١- حقوق الله.

٢- حقوق الآدميين.

فأما حقوق الله فإن من شرط إقامة حد من حدود الله بالإقرار البقاء عليه إلى تمام الحد، فإن رجع عن إقراره أو هرب كف عنه وبهذا قال عطاء ويحي ابن يعمر والزهري وحماد ومالك والثوري والشافعي وإسحاق وأبو حنيفة وأبو يوسف، لأن ما عزا هرب فذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: (هلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه؟) (١) قال ابن عبد البر ثبت من حديث أبي هريرة وجابر ونعيم بن هزال ونضر بن داهر وغيرهم أن ماعزاً لما هرب فقال لهم ردوني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: (هلأ تركتموه يتوب فيتوب الله عليه؟) وعن بريدة قال: (كنا أصحاب رسول الله نتحدث أن الغامدية وماعز بن مالك لو رجعا بعد اعترافهما أو قال لو لم يرجعا بعد اعترافهما لم يطلبهما وإنما رجمهما عند الرابعة) رواه أبو داود والحديث تدرأ بالشبهات وبرجوع المقر عن إقراره شبهة تدرأ الحد.

وقد ذكر بعض العلماء أنه يستحب للإمام أو الحاكم الذي يثبت عنده الحد بالإقرار التعريض له بالرجوع، كما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أعرض عن ماعز حين أقر عنده، ثم جاء من الناحية الأخرى فأعرض عنه، حتى تم إقراره أربعاً. ثم قال: (لعلك لمست) (٢) وروي أنه قال للذي أقر بالسرقة (ما أخالك فعلت) . وقد ذهب أكثر الفقهاء إلى أن السارق لو نزع عن إقراره قبل


(١) متفق عليه.
(٢) رواه البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>