القطع فلا تقطع يده، لتعريض النبي - صلى الله عليه وسلم - للسارق بقوله:(ما أخالك سرقت) ولأنه حد لله تعالى ثبت بالاعتراف فقبل رجوعه عنه كحد الزنا. ولكن غرم المسروق دون القع. وفي (ألمغني لابن قدامة) : قال أحمد: لا بأس بتلقين السارق ليرجع عن إقراره، وهذا قول عامة الفقهاء، روي عن عمر أنه أتى برجل: فسأله أسرقت؟ قل: لا. فقال: لا. فتركه. أه.
ومثل الإقرار بالزنا والسرقة الإقرار بشرب المسكر فلو رجع عن إقراره قبل، لأنه حد لله. فحقوق الله مبنية على التسامع مدروءة بالشبهات. وفي (ألاختيارات من فتاوي شيخ الإسلام ابن تيمية ص٢٩٧) : وإن شهد على نفسه كما شهد به ماعز والغامدية واختار إقامة الحد عليه وإلا فلا.
وأما حقوق الآدمي فهي مبنية على المشاحة والتضييق، فإذا حصل الإقرار من مكلف مختاراً ثبت عليه ما أقر به، ولا عذر لمن أقر، ولا تقبل دعواه غلطاً أو نسياناً بعد الإقرار الذي يعتبر من أقوى البينات، ولهذا تلزم غرامة المسروق من أقر بالسرقة ولو مرة واحدة. لأنها حق لآدمي.
ولعل هذا القسم الأخير هو الذي يقصده الشيخ المعصومي، وهذا هو المعمول به في المحاكم والذي يجب أن يسار عليه، ولا نعلم أن أحداً من القضاة خالفه وقبل الإنكار من المعترف بحق لآدمي. والتسامح في هذا الأمر فيه تعطيب حقوق الناس وإبطال شيء من شرع الله ودينه.
أما ما يتعلق بمطالبه بالأمر الثاني وهو منع المحامين بتاتاً من التدخل في المحاكم والدعاوي. فقد ذهب أكثر العلماء ومنهم مالك والشافعي وأحمد إلى جواز التوكيل في المطالبة بالحقوق وإثباتها والمحاكمة أيضاً فيها حاضراً كان الموكل أو غائباً صحيحاً أو مريضاً، لأن هذه الأمور حقوق تجوز النيابة فيها فكان لصاحبها الاستبانة. وقد اشتهر عن الصحابة رضي الله عنهم قصص اشتهرت عنهم. ضمن ذلك أن علياً رضي الله عنه وكل عقيلاً عند أبي بكر رضي الله عنه وقال: ما قضى له فلي وما قضى عليه فعليه. ووكل عبد الله بن جعفر عند عثمان، وقال: إن للخصومة قمماً، وإن الشيطان يحضرها، وإني أكره أن أحضرها. ومن المعلوم أن الحاجة تدعو إلى التوكيل فمن الناس من يكون له