سنكتب فيها رسالة مستقلة لنشرها وتعميم نفعها، وحيث قد فرغنا من إملائها فإننا نبعث إليكم برفقه لعرضها على جلالة الملك حفظه الله لإشرافه عليها والأمر بنشرها في الجرائد المحلية إن رأى ذلك، على أننا سنقوم من قبلنا بطبعها مفردة على حساب موازنة دار الإفتاء كجاري العادة إن شاء الله. والسلام عليكم.
(ص/ف٣٧٣ في ٢١/٥/١٣٧٦)
(الرسالة في تحريم القات)
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: فقد ورد علينا سؤال عن حل (أكل القات) وتحريمه، وهو الشجر الذي يزرع في أرض اليمن، ويؤكل على الصفة المعروفة عندهم، وما فيه من المنافع والمضار، نظراً لما يرى السائل من اضطراب أقوال الناس فيه. وحيث أن هذه المسألة حادثة الوقوع، والحكم عليها يتوقف على معرفة خواص هذه الشجرة وما فيها من المنافع والمضار وأيهما يغلب عليه فيحكم عليها بموجبه، وحيث أننا لا نعرف حقيقتها لعدم وجودها لدينا، فقد تتبعنا ما أمكننا العثور عليه من كلام العلماء فيها، فظهر لنا بعد مزيد من البحث والتحري وسؤال من يعتد بقولهم من الثقاة أن المتعين فيها المنع من تعاطي زراعتها وتوريدها واستعمالها، لما اشتملت عليه من المفاسد والمضار في العقول والأديان والأبدان، ولما فيها من إضاعة المال، وافتتان الناس بها، ولما اشتملت عليه من الصد عن ذكر الله وعن الصلاة، فهي شر، ووسيلة لعدة شرور.
والوسائل لها أحكام الغايات. وقد ثبت ضررها وتفتيرها وتخديرها، بل وإسكارها ولا التفات لقول من نفى ذلك، فإن المثبت مقدم على النافي، وقياساً لها على الحشيشة المحرمة، لاجتماعهما في كثير من الصفات، وليس بينهما تفريق عند أهل التحقيق.
والدليل على ما قلناه من كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وكلام العلماء ما يأتي: