للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الله تعالى: {ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين} (١) . وفي الحديث: (لقد توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما من طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر لنا فيه علماً) فنصوص الكتاب والسنة كفيلة بتبيان ما يحتاجه الناس في أمور دينهم ودنياهم.

ومن حكمة الله ورحمته أنه أحل لنا الطيبات وكل ما منفعته خالصة أو راجحة وحرم علينا الخبائث وكل ما كانت مفسدته خالصة أو راجحة، قال الله تعالى: {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما} (٢) فحرم تعالى الخمر والميسر وما فيهما من المنافع، وقال {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون، إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون} (٣) .

وفي الحديث الذر رواه الإمام أحمد في مسنده وأبو داود في سننه صحيح، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كل مسكر ومفتر) قال العلماء (المفتر) كلما يدرك الفتور في البدن، والخدر في الأطراف. وهذا القات لو فقرضنا أن فيه بعض النفع فإن ما فيه من المضار والمفاسد المتحققة تربو وتزيد على ما فيه من النفع أضعافاً مضاعفة.

ولهذا جزم بتحريمه جملة من العلماء الذين عرفوا خواصه، واستدل كل منهم على تحريمه بما ظهر له. فمن جملة من نهى عنه وحذر عنه وأفتى بمنعه الشيخ أحمد بن حجر الهيتمي وقاسه على الحشيشة وجوزة الطيب، وعد استعمال ذلك من كبائر الذنوب كما ذكره في الكبيرة السبعين بعد المائة في كتابه (الزواجر عن اقتراف الكبائر) في كتاب الأطعمة، ثم إنه صنف فيه رسالة مستقلة سماها: (تحذير الثقات، من استعمال الكفته والقات) وقال: إن ورد عليه بمكة المشرفة ثلاث رسائل من علماء صنعاء وزبيد اثنتان بتحريمه وواحدة بتحليله.

ومن جملة ما ذكر في تلك الرسالة قوله: وممن قال بتحريمه الفقيه أبو بكر ابن إبراهيم المقري الحرازي الشافعي في مؤلفه في (تحريم القات) قال: كنت آكلها في سن الشباب، ثم اعتقدتها من المتشابهات، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:


(١) سورة النحل: آية ٨٩.
(٢) سورة البقرة: آية ٢١٩.
(٣) سورة المائدة، آية ٩٠-٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>