وقد ذكر صفات (القات) وحكم عليها بالضرر والنهي والتحريم.
لكن قوله: وأنا لا أقيس القات والتنباك بالخمر. إلى آخره - الظاهر أن مراده أن أغلظ تحريم القات والتنباك ليس كغلظ تحريم الخمر وما يجب عليه من حد في الدنيا وعقاب في الآخرة مع اتفاقهما في أصل التحريم.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الاختيارات) : فصل - وإذا شككت في المطعوم والمشروب هل يسكر أم لا؟ لم يحرم عليك بمجرد الشك ولم يقم الحد على شاربه، ولا ينبغي إباحته للناس إذا كان يجوز أن يكون مسكراً، لأن إباحة الحرام مثل تحريم الحلال، فيكشف عن هذا بشهادة من تقبل شهادته مثل أن يكون طعمه ثم تاب منه، أو طعمه غير معتقد تحريمه، أو معتقد حله لتداو ونحو أو مذهب الكوفيين في تناول يسير النبيذ، فإن شهد به جماعة ممن تناوله معتقداً تحريمه فينبغي إذا أخر عدد كثير لا يمكن تواطؤهم على الكذب أن يحكم بذلك، فإن هذا مثل التواتر والاستفاضة، كما استفاض بين الفساق والكفار الموت والنسب والنكاح والطلاق، فيكون أحد الأمرين إما الحكم بذلك، لأن التواتر لا يشترط فيه الإسلام والعدالة، وإما الشهادة بذلك بناء على أن الاستفاضة يحصل بها ما يحصل بالتواتر، وإما أن يمتحن بعض العدول بتناوله لوجهين:
أحدهما: أنه لا يعلم تحريم ذلك قبل التأويل فيجوز الإقدام على تناوله، وكراهية الإقدام على الشبهة تعارضها مصلحة بيان الحال. الوجه الثاني: أن المحرمات قد تباح عند الضرورة، والحاجة إلى البيان موضع ضرورة. فيجوز تناولها لأجل ذلك، أو كلام الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وبما قرره شيخ الإسلام رحمه الله ها هنا يتبين صحة الطريقة التي سلكناها فيما تقدن في تحريم (القات) وتمشياً على الأصول الشرعية والقواعد المعتبرة المرعية، وبما قدمناه يتضح صحة القول بتحريم القات والنهي عنه ومنعه منعاً باتاً زراعية وتوريد واستعمالاً وغير ذلك.
وهذا ظاهر لكل من تدبر ما ذكرنا وعرف أصول الشريعة وقواعدها، ودرأ المفاسد مقدم على جلب المصالح. والله يقول الحق ويهدي السبيل. أملاه الفقير إلى عفو ربه محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ. وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم. حرر في ١١/٤/٧٦.