للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن ربه عزَّ وجل قال: "إن الله كتب الحسنات والسيئات، ثمَّ بَينَ ذلك: فمن همّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنةً كاملة، فإن هو هم بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات، إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة.

ومن همَّ بسيئة فلم يعملها كتبها الله عده حسنة كاملة، فإنْ هو هَمَّ بها فعملها كتبها الله له سيئة واحدة" (١).

وهذا الحديث صريح في الدِّلالة على الِإثابة على الهمِّ الخيّر إذا لم يقترن به فعل، وإن كان غير صريح في الدلالة على أن الهام بسوء لا ينال شيئا إذا ترك المعصية لغير خوف الله، وإنما فيه أنَّه ينال حسنة بتركها.

وأكثر صراحة منه حديث أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "قالت الملائكة: يا ربّ، ذاك عبد يريد أن يعمل سيئة -وهو أبصر به- فقال: "ارقبوه، فإن عملها فاكتبوها له بمثلها، وإن تركها فاكتبوها له حسنة، فإنما تركها من جراي"، وفي رواية "من أجلي" (٢).

فمفهوم المخالفة لقوله "من جراي"، أو "من أجلي"، أنّه لا تكتب له حسنة إن تركها لغير مخافة الله تعالى.

وقد صرَّح بذلك في الرواية الأخرى "وإذا هم بسيئة ولم يعملها لم أكتبها عليه" (٣).

فيفهم من الجمع بين الروايتين أنّه إن ترك المعصية خوفا من الله كتبت له حسنة كاملة، فإن تركها لغير ذلك لم تكتب عليه كما أنّها لا تكتب له.

أما أنَّ "حديث النفس" لا يؤاخذ عليه فلأنه أقلّ رتبة من الهمّ، فإذا كان الهم -وهو أقوى منه - لا عقوبة فيه، فحديث النفس من باب أولى.


(١) صحيح البخاري: (٣١ - كتاب الرقاق)، انظر الفتح (١١/ ٣٢٣).
(٢) صحيح البخاري: (في كتابي الرقاق والتوحيد).
(٣) صحيح مسلم: انظره بشرح النووي (٢/ ١٤٨).

<<  <   >  >>