للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بأعلى صوتك: يا صبيان، من يصفعني صفعة أعطيه جوزة، وادخل إلى سوقك الذي تعظّم فيه ... " (١).

أي تربية هذه؟ وأين هي من منهج الإسلام الذي ينهى أن يهين المرء نفسه؟! وهذا آخر ينظر إلى جارية إذ يغلبه هواه، فلا يفعل ما أمره الله من التوبة والاستغفار، بل يقلع عليه التي نظرت إلى محرّم، فقد جهل في الأولى، وجهل جهلا أشد في الثانية، فعالج الحرام بحرام أكبر.

وهذه امرأة سألت شابا عن سر افتتانه بها؟ فلما عرفت أنه قد فتن بعينيها قلعتهما، ورمت بهما إليه (٢).

ولو ذهبنا نستقصي ما تناقله العلماء في هذا المجال لطال الحديث، وإيراد القليل في هذا يغني عن الكثير.

[١ - تحويل الاتجاه]

إن النفس الإِنسانية دائمة الهم والإرادة، وهي في ذلك كنهر متدفق فياض، فإذا خاف قوم من النهر أن يغرق ديارهم، ويهلك زرعهم، فلن يكون العلاج بإيقاف تدفق النهر، وقطعه من مصبّه ومنبعه، فذلك ما لا طاقة لهم به، وإنما السبيل أن يحولوا مجراه.

وإذا كانت النفس الإنسانية لا يمكن أن تتوقف في الهمّ والإرادة وطلب ما يقيم أودها، ويحفظ وجودها، ويضمن استمرار نوعها، لأن ذلك سرّ من أسرار تكوينها - فليس السبيل أن نعدم ذلك ونزيله، إنما السبيل أن نعدل عن الضار إلى النافع، وعن الحرام إلى الحلال، وعن الخبيث إلى الطيب.

والله يعلم مدى ضعفنا فلم يحرم علينا كلَّ شهوة، لذلك أباح لنا من الهوى


(١) تلبيس إبليس ص ٣٩٩.
(٢) المصدر السابق.

<<  <   >  >>